مسجد الشهيدين.. دمٌ يتضوع عطراً
لا ميديا
لا ميديا

 
الباحث عدنان البليلي / لا ميديا -
من الباب العالي الشاهد على فن العمارة الإسلامية (باب اليمن) الى الداخل حيث تزخر صنعاء القديمة بإحدى عجائب الدنيا ببيوتها ومساجدها الكثيرة والعتيقة.. وتذكر المصادر أنه كان في المدينة أكثر من مائة مسجد إلا أن المتواجد منها حاليا 37 مسجدا، إضافة إلى سبعة مساجد لم يبق منها إلا معالم وشواهد دالة عليها تُسمى “المساجد المنسية”، وكل مسجد هناك له حكاية ومناسبة ارتبطت بعدد من تلك المساجد.
مسجد الشهيدين يقول الباحث عدنان البليلي إنه بني على أنقاض الجامع المنسي سنة 1042 للهجرة وقد بناه المؤيد بالله محمد بن القاسم المنصور بالله في بداية الدولة القاسمية بعد انتهاء الدولة العثمانية في اليمن من الغزو الأول وقد سمي باسم «الشهيدين» الطفلين قثم وعبدالرحمن بن عبيدالله بن العباس (عم رسول الله) اللذين قتلهما ظلما وعدوانا «بسر بن أرطأة الفهري القرشي إذ خرج الى صنعاء أميرا لمعاوية بن أبي سفيان وكان أبوهما واليا لأمير المؤمنين وسيد الوصيين الإمام علي بن أبي طالب فلما بلغ عبيدالله بن العباس مجيء بسر بن أرطأة استخلف عبدالله بن عبدالمدان أميرا على صنعاء وذهب الى أمير المؤمنين في الكوفة فلما قدم بسر وجد الطفلين قثم وعبدالرحمن وقام بذبحهما في باب المصراع فلما بلغ أمير المؤمنين مقتلهما اشتد غمه ودعا على بسر فقال اللهم لا تخرجه من صنعاء حتى يذهب عقله فأصابه ذلك وذهب عقله فكان يهذي بالسيف ويطلبه فيؤتى بسيف من خشب فيجعل بين يديه بزق منفوخ فلايزال يضرب به حتى هلك» حسب ما جاءت به النقوش الحجرية الموجودة في الجدار الشرقي للمسجد قدم بسر بن أرطأة واليا لمعاوية بعد أن استتب الأمر له حيث استدل على الطفلين وقام بقتلهما في باب المصراع في «الجامع المنسي» سنة 42 هجرية الذي يسمى حاليا مسجد الشهيدين.. يقع المسجد في القسم الأوسط من صنعاء القديمة وهو مسجد لايزال عامرا بشعائر الله وقراءة القرآن.
 ويضيف الباحث عدنان البليلي أن المسجد كان قديما مكانا لتعليم القرآن الكريم والقراءات السبع وتدريس العلوم الشرعية وقد كان أشهر مدرسيه القاضي والعلامة أحمد محبوب المكنى قديما «الصفي محبوب» كما أن الطلاب الذين كانوا يتوافدون من خارج صنعاء للدراسة كان لديهم سكن في إحدى جنبات المسجد. يتكون المسجد من بيت الصلاة وصرح الشمسي الذي ألحق به حاليا والمطاهير.. والمحراب الذي يتوسط الجدار الشمالي يزدان من الداخل بزخارف بديعة بنقوش جصية مذهلة تعتليه العقود المزخرفة وتاريخ إعادة نقوشه في السنة 1399 هجرية أما أعمدة المسجد تنتهي بتيجان دائرية يعلوها العقود يرتكز عليها سقف المسجد وفي الجهة الجنوبية يوجد ضريح الشهيدين «قثم وعبدالرحمن وأمهما عائشة ابنة عبدالله المدان التي ماتت حزنا بعد أيام معدودة من استشهاد ولديها».
وأما عن مناراته يضيف الباحث عدنان البليلي فقد انهارت مرتين وتم إعادة بنائها على يد القاضي حسين بن علي العمري أثناء عمله كوزير للأوقاف سابقا... وللمسجد روحانية غامرة ونكهة الزمن والتاريخ والدول التي تعاقبت كما يقول الباحث بأن المسجد كان مزارا لوفود عربية وخارجية.
في رمضان لا يغلق أبوابه حتى العاشرة مساء يتوافد الشباب من قبيل الظهيرة على قراءة القرآن والصلاة والتهليل والتسبيح فهي سمة تخص هذا الشهر الفضيل.

في الثلاثاء 12 مارس - آذار 2024 11:27:25 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://www.cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.cfca-ye.com/articles.php?id=12925