أيتام في مهب الريح!
عفاف محمد
عفاف محمد
يقال في مَثَل الغابرين: «النار ما تحرق إلا رجل واطيها»!!
وبالفعل الألم لا يحس به إلا من يعيشه. فأنت عندما تكون في بيتك تلبي حاجيات أفراد أسرتك، وتحتويهم بحنانك وعطفك، توفر عليهم الكثير من المشاق والعناء، حتى وإن كنت تجد المشقة في توفير ما يحتاجونه بسبب الغلاء، والظروف التي تمر بها البلاد، لكن مجرد وجودك بينهم يشكل فارقاً كبيراً، يفي بتماسك أسري كبير.
فلو سلطنا الضوء على الأيتام بشكل عام، سواء كانوا أولاد شهداء، أو متوفين، سنلمس ما يكدر الخاطر ويدمي القلب، فمن لهم؟ من يتفقد أمورهم؟ من يراعيهم؟ من يوفر لهم لقمة العيش؟ من يكسوهم؟ ومن يداويهم؟!...
فكم هي مرارة تجتاح وتعتصر قلب الأم عندما يقول لها طفلها الصغير: يا أمي لماذا فلان معه أب وأنا لا؟! أو لماذا كلهم معهم آباء وأنا لا؟! أو عندما يقول طفل آخر لأمه: يا أمي حذائي تمزق، اشتري لي حذاء! أو المعلمة طلبت دفاتر جديدة... أو... أو... إلخ، الكثير والكثير من الطلبات التي تعجز امرأة ضعيفة عن توفيرها، أو قد يعاني أحد أطفالها من مرض مزمن ويحتاج للعلاج!
طبعا قد يهيئ الله أحد أهل الخير لأهل الأيتام يراعيهم ويتفقدهم أو قد تعمل الأم لسد هذه الثغرة، لكن...!
الأمر هنا لا نعرضه لمجرد الاستعطاف، بل ما جعلني أكتب هذا الكلام هو أننا قد نتوه في زحمة الأحداث عن هذه الفئة من الناس ونجهل كيف يتدبرون أمورهم وكيف يعيشون. قد يكون لك أخ متوفى وله أولاد، وأنت منقطع عنهم، ربما بسبب أن زوجتك قد تقول لك: أولادك أهم وأولى بما تريد أن تعطيه لغيرهم!! أو تكون لك أخت زوجها متوفى أو استشهد وتعاني الأمرين وأنت غافل عنها.
نحن بحاجة لتذكير أنفسنا بالأيتام، وقد ذكرهم الله في معظم آياته وأوصى بالاهتمام بهم، ونهى جل شأنه عن قهرهم.
أخيراً، ما جعلني أكتب هذا هو أن إحدى الجهات تواصلت معي وطلبت مني بيانات عدد محدد من الأيتام، وذلك لكفالتهم من قبل مؤسسة معينة، واجتهدت لجمع أسمائهم وشهادات الميلاد وشهادات آبائهم وحصر الورثة وغير ذلك من الإثباتات. أسعدني ذلك كثيراً وطرقت كثيراً من الأبواب وعشت تفاصيل موجعة جداً مع تلك الأسر وذرفت الدموع مع بعض الأمهات وهن تشكون عسر الحال... وتكدست معي الأوراق.
وحتى اللحظة لم يحدث أي تفاعل من تلك الجهة. حالياً لا ألوم هذه الجهة لأنها جعلتني أجتهد وأحرج نفسي مع الأسر هذه، لأنهم بين الوقت والآخر يتصلون بي ويسألون ماذا عن كفالة الأيتام؟!!
وإنما أدعو المؤسسات والمنظمات الكافلة إلى الاهتمام بالأمر، وكذلك على الحكومة تسهيل تصاريحهم وتذليل العقبات لعملهم.
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: «وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ».
* نقلا عن : لا ميديا

في الإثنين 17 يناير-كانون الثاني 2022 07:20:07 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://www.cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.cfca-ye.com/articles.php?id=4790