من هنا جاءت فكرة مسلسل "تكتيك"
الثورة نت
الثورة نت

الجانب الأمني من الجوانب التي كان الإنجاز فيها بعد ثورة ٢١ سبتمبر ملحوظاً، فكانت الحاجة لعمل يبرز ذلك ضرورية، ومن هنا جاءت فكرة مسلسل "تكتيك"


رئيس مؤسسة الإمام الهادي الثقافية الأستاذ عبدالله حسن الوشلي لـ”الثورة”: من صُلب أعمال مؤسسة الإمام الهادي الثقافية إنتاج أعمال فنية ودرامية

 

من يربط أي عمل درامي بما في رأسه من أوهام أو اعتقادات أو وجهات نظر، يستطيع أن ينسفه حتى لو كان فيلم الرسالة

ما تحقق من نجاح في مسلسلي “تكتيك” و “أبواب صنعاء”، يُحمّلنا عبئاً كبيراً في أن نستمر في أعمال قادمة قوية بشكل تصاعدي

رأينا أن عمل مسلسل في صنعاء القديمة، سيقدم الهوية الإيمانية الأصيلة، ويزيل الكثير من الغبار والتشويه

إنتاج مسلسلين لم يأتِ من باب الترف، ولكن من باب الحاجة

هناك تحرك كبير من قبل أعداء الأمة ومرتزقة العدوان لإنتاج أعمال تسعى لتشويه الشخصية والهوية اليمنية

تصوير العمل في منطقة لا يحصر المشكلة فيها، والمشاكل تتحدث عن قصص وشخصية تهم المجتمع ككل

مسلسل “أبواب صنعاء” هو أول مسلسل يجري تصويره ويُقدّم في صنعاء القديمة

إنتاج قنوات العدوان للأعمال الهابطة يأتي في إطار تشويه الصورة اليمنية والتاريخ اليمني

نحن أمام ثقافة قرآنية إيمانية راقية جداً، العالم كله ينتظرها ويتطلع إليها ليتعرف عليها

“بعد الغياب” الطويل للدراما الهادفة، والتغييب المُتعمد من قبل الأنظمة السالفة؛ بهدف إلهاء وإعماء المجتمع عن حقيقة ماضيه المشرق وحاضره المؤلم، ونقل صورة مُشوهة وهزيلة عن اليمن واليمنيين، انبلج مع بارق ثورة 21 سبتمبر فجرٌ دراميٌ حافلٌ، استوى يُقدّم الصورة بجمالها ورونقها البديع، وانبرى لـ”غربلة” الواقع وتقديم الحق بجاذبيته، وحلحلة عُقَد توغلت في “قلوب مقفلة”، بروحٍ إيمانيةٍ حريصة على هدي الناس وتبصيرهم، وانتشالهم من براثن الأوهام والزيف والضلال.
يؤكد أن إنتاج الأعمال الدرامية ضرورة حتمية، لمواجهة أنشطة الإضلال الظلامية، من منطلق التأثير القوي والقالب المناسب، ويسعى والمؤسسة لتقديم الثقافة القرآنية، وإبراز الهُوية الإيمانية، باقتحام المحطات والاستعانة بالله وسواعد الرجال لتذليل الصعوبات، وهذا العام أطلّت مؤسسة الإمام الهادي الثقافية وشبكة المسيرة الإعلامية بـ “تكتيك” درامي جديد، وإشراقة جميلة من “أبواب صنعاء”، كل هذا وأكثر في حوارٍ مستفيضٍ لصحيفة “الثورة” مع الأستاذ عبدالله حسن الوشلي، رئيس مؤسسة الإمام الهادي الثقافية، حول الإنتاج الدرامي للمؤسسة هذا العام بشكلٍ خاصٍ، والدراما الوطنية بصورة عامة، وإليكم نص الحوار..
أولاً نرحب بكم سيّدي الكريم، في هذا اللقاء الصحفي الأول لكم في صحيفة “الثورة”، الذي يأتي بعد انتهاء الموسم الدرامي الرمضاني، وأنتم جهة رائدة في الإنتاج الدرامي، وأنتجتم هذا العام “تكتيك”، و “أبواب صنعاء”، ونبدؤ معكم من القمة وهي مؤسستكم التي تصدّرت الساحة مؤخراً في الجوانب الثقافية، والجانب الدرامي بشكلٍ خاصٍ..
حاوره/ عبدالجليل الموشكي

مؤسسة الإمام الهادي مؤسسة ثقافية.. فكيف لجهة ثقافية أن تعمل في إنتاج الأعمال الدرامية؟
– في البداية الشكر الجزيل لصحيفة “الثورة” على هذه الاستضافة، وعلى مواكبتها الدائمة لكل أنشطة المؤسسة، ونتمنى لها ولكادرها التوفيق والسداد والنجاح في كافة أعمالهم.
بالنسبة لإنتاج مؤسسة الإمام الهادي الثقافية لأعمال فنية ودرامية، هذا يأتي من صُلب أعمالها، فالثقافة اليوم وسائل انتشارها لم تعد تلك الوسائل التقليدية، التي تنحصر على الخطاب المباشر والوسائل التعليمية والتثقيفية البسيطة، فالعالم اليوم يستخدم كافة الوسائل التي تجمع ما بين الترفيه والتوعية والتثقيف والخطاب غير المباشر، وعلى رأس تلك الوسائل تأتي الدراما.
لهذا تسعى المؤسسة جاهدةً للمواكبة في هذا الإطار، وتنتج ما تستطيع من أعمال تجسد الثقافة القرآنية والقيم والهوية الإيمانية للشعب اليمني، كما تهدف من خلال هذه الأعمال إلى معالجة المشكلات التي تبرز في المجتمع، وتقديم الصورة المشرقة لمجتمعنا، وتقديم المفاهيم الصحيحة، ومواجهة المفاهيم والثقافات المغلوطة، ولذا تسعى أن تكون دائماً منتجة لأعمال درامية وتعمل للتطوير في هذا المجال.

ضرورةٌ حتمية
لماذا عملتم على إنتاج مسلسلين هذا العام ولم تكتفوا بإنتاج مسلسل واحد؟
– إنتاج مسلسلين لم يأتِ من باب الترف، ولكن من باب الحاجة، فنحن نرى أن هناك تحركاً كبيراً لأعداء الأمة بشكلٍ عامٍ، ولمرتزقة العدوان بشكلٍ خاصٍ في إنتاج أعمال تسعى لتشوية الشخصية والهوية اليمنية، وتضليل المجتمع ومسخه ومسخ قيمه وثقافته وأخلاقه.
و بالتالي حرصنا على أن ننتج أكبر قدر من الأعمال وتكون مخاطبة لأكثر من فئة، ومناقشة لأكثر من موضوع، وتُقَدّم في موسم رمضان الحافل بالإنتاج، والذي أصبح قدراً واقعاً وأمراً حتمياً، أنه موسم تبث فيه المسلسلات على اختلاف توجهاتها ومشاربها، بهدف الحفاظ على مجتمعنا وتقديم الرسالة اللائقة قمنا بإنتاج مسلسلين، مسلسل “تكتيك” يأتي في إطار الجانب الأمني وما يخصه من مواضيع، وقالبه يحوي الأكشن والصراع التشويقي، ومسلسل “أبواب صنعاء” بقالب اجتماعي تاريخي يعبر عن المجتمع اليمني وهويته ومشاكله وهمومه.

هل واجهتم صعوبات من ناحية ضغط الإنتاج وتوفير الطواقم الفنية العاملة والإمكانيات المطلوبة؟
– من الطبيعي جداً أن يكون هناك صعوبات، فنحن نعمل في ظرف استثنائي يكاد البعض يرى أن الإنتاج في العمل الدرامي يُعد مغامرة أو من المستحيل، فنحن نرى مثلاً مدارس في الدراما على مستوى الوطن العربي أو العالم، تتوقف وتتأثر بحروب ربما لا ترقى إلى مستوى ما يمر به شعبنا اليمني، مثلاً الدراما السورية تأثرت تأثراً كبيراً بالحرب الحاصلة هناك، وهي دراما لها باع طويل بكوادرها وإمكانياتها، بينما اليمن _بفضل الله وعونه_ نرى أن الأمر يسير باتجاه عكسي، فرغم كل ما يحصل، نرى بشكل عام إنتاجاً درامياً حافلاً وكثيفاً ومميزاً.
الصعوبات بالتالي موجودة سواء على مستوى جو العمل وضغوطاته، الأزمات الخانقة التي يمر بها الشعب اليمني ككل في المشتقات النفطية وغيرها، والمشاكل الاقتصادية، وهذه كلها تؤثر على الإنتاج، ومن أهم الصعوبات أيضاً ضيق الوقت حيث يتم الإنتاج قبيل شهر رمضان، وبالتالي تكون الطواقم مع ندرتها مشغولة، وبالتالي تكون تكاليف الإنتاج أكثر، لكن بعون الله وتعاون وتضافر جهود الجميع من شبكة المسيرة والمؤسسة والطواقم والممثلين، واستشعار الكل للمسؤولية في تقديم رسالة سامية، استطعنا أن نتجاوز هذه الصعوبات.

لماذا صنعاء القديمة الآن؟
من أين جاءت فكرة مسلسل “أبواب صنعاء”؟ ولماذا صنعاء القديمة الآن؟
– يمكننا القول لماذا تأخر إنتاج عمل يُقدّم صنعاء القديمة وهي بهذا الجمال الذي يخطف قلوب السائحين، ويجعلهم كلهم يرونها كأستديو لا مثيل له في العالم، يجمع بين أصالة التاريخ وجمال روح الإنسان، رغم أن الفترات الماضية كانت هناك إمكانيات كبيرة، وفعاليات ارتبطت بصنعاء كعاصمة للثقافة العربية وغيرها، لكن نرى أنه كان هناك تغييب كامل للوجه الحقيقي لصنعاء، وتشويه لها أيضاً.
في هذه المرحلة أيضاً هناك مساعٍ كثيرة ومحاولات لتصوير أن ما يحصل بعد ثورة 21 سبتمبر، هو انسلاخ عن الهوية والثقافة والتاريخ، وأن هناك تشويهاً في المعالم، حتى أن اليونسكو حسب ما وصلنا من أخبار هددت بشطب صنعاء القديمة من قائمة التراث العالمي.
الحاجة إذاً كانت ماسة لإنتاج مسلسل يرد على هكذا شائعات، ويُقدّم الصورة الحقيقية والمشرّفة لليمن بكلها عبر وجهها المشرق صنعاء القديمة، وتأتي فكرة المسلسل في سياق ما تقوم به أي دولة، حيث نرى كل الدول تحاول إبراز تاريخها وأصالتها وهويتها من خلال العمل على الأحياء القديمة والمناطق الأثرية والسياحية التي تبرز عظمة حضارة شعبها وتبرز هويته وقيمه.
و بالنسبة لصنعاء القديمة فهي تعد من أهم الأماكن على مستوى العالم، بما لديها من تاريخ أصيل سواءً من ناحية ارتباطه بالإسلام أو ارتباطه بتاريخ اليمن والإنسان اليمني، ورأينا أن عمل مسلسل فيها، سيقدم الهوية اليمنية الإيمانية الأصيلة، ويزيل الكثير من الغبار والتشويه، الذي حاول المنحرفون والعملاء في الفترات السابقة إلحاقه باليمن بشكل عام.

وأنتم شاركتم في كتابة قصة المسلسل.. ما هي المسارات والأولويات التي تضمنتها القصة؟
– كتابة القصة حينما تكون في مكان مثل صنعاء القديمة، تُشكّل صعوبة في أنك تريد أن تقدمها كما هي بجمالها، فقط كما هي، لا شيء أكثر من هذا، وهنا ستكون بحاجة إلى حرفية عالية وإلمام شامل بتفاصيلها وجمالياتها، فضلاً عن كونك تريد أن تكون هذه القصة حاملة لقيم وهوية وتعبر عن ثقافة، وفي نفس الوقت تكون جاذبة وممتعة وغير مملة، وتراعي الكثير من المحاذير التي قد تستفز مجتمعاً أو طبقات معينة، بالتالي هذا كله يجعل المهمة صعبة، لكن بالاستعانة بالله شاركنا الكاتب الأستاذ منّاع أحمد في كتابة القصة والسيناريو والحوار، وكانت الحكمة الأساسية أن نوجد قصة نستطيع أن نتجول في صنعاء من خلالها ونطّلع على معالمها وتفاصيلها وتاريخها وجمال روح الإنسان فيها.
القصة ركزنا في مساراتها على إبراز المحاولات التي تسعى لتشويه صنعاء من حيث البناء والعمران، وحاولنا من خلالها معالجة قضايا تهم المجتمع اليمني كله، وهي ليست معبّرة عن صنعاء القديمة فقط وإنما اليمن ككل، وحاولنا تنويع المسارات بحيث تكون اجتماعية تناقش القضايا على مستوى الأسرة والحي والمجتمع بكله، وتناقش صعوبة بعض المهام التي لها علاقة بواقع صنعاء وتاريخها، وتتطرق أيضاً لمرحلة ما قبل ثورة 21 سبتمبر وما بعدها.
كما حرصنا على أن تبرز القصة كيف أن أهل صنعاء بكلهم يرفضون الدخيل عليهم والامتداد والتبعية للخارج، وحاولنا من خلال القصة أن نقدم صورة جيّدة عن المكان والإنسان اليمني، وبالتأكيد لسنا راضين عن مستوى ما قُدّم لكنه كان مقبولاً وجيّداً جداً.

أكثر من أي مسلسل
بالطبع كان ما تم تقديمه في مسلسل “أبواب صنعاء” جيّدا جداً.. برأيكم ما الذي تميّز به هذا المسلسل عن بقية المسلسلات؟
– ما تميّز به مسلسل “أبواب صنعاء” هو أنه أول مسلسل جرى تصويره ويُقدّم في صنعاء القديمة، وأحدث حالة من الحنين والشوق، وأعاد إلى أذهان الجميع الصورة المشرقة التي نقلها عن هذه التحفة المعمارية الإنسانية، وهذا يُحسب له.
أيضاً تفرّد المسلسل بطابع اجتماعي حيث تنبع القضايا التي يتناولها من واقع المجتمع، والمجتمع يجد نفسه في هذه القضايا، ولا يجدها بعيدة عن واقعه، ولا هي أيضاً محصورة في إطار معين.
تميّز أيضاً “أبواب صنعاء” بأنه قدّم الهوية الإيمانية بشكل جيّد، من خلال عرض المناسبات والعادات والتقاليد وأوجه التكافل الاجتماعي وغيرها من الأشياء المرتبطة بالهوية الإيمانية، والتي تظهر عظمة وسمو الإنسان اليمني الذي يعتز بهذه الهوية.

ظهر المسلسل بإمكانيات فنية عالية من تصوير وإخراج وغيرها… هل أنتم راضون عن الأداء والصورة الفنية التي قدمتموها؟
– الحمد لله بالتأكيد الجانب الفني للمسلسل مشهود له من القريب والبعيد، وطاقم المسلسل طاقم كبير ومحترف وجيد، تمكن من إبراز صنعاء القديمة بشكل لائق، لا نقول إنه كل شيء، لكنه أفضل ما يمكن أن يُقدم في مثل هذه الظروف والإمكانيات الموجودة، ورضى الجمهور وتفاعله وشعوره بأنه يرى صنعاء بالشكل اللائق يبدو واضحاً ومشهوداً وملموساً.
ضمّ مسلسل “أبواب صنعاء” الكثير من نجوم الدراما والوجوه المعروفة.. فما الذي جعل نسبة المشاركة في هذا المسلسل أكثر من أي مسلسل آخر هذا الموسم؟
بالنسبة لمشاركة النجوم كان الجميع متفاعلاً لكون العمل يُصور في صنعاء القديمة، ويرغب في أن يكون له بصمة وحضور في هذا العمل، إلى جانب أن القصة تخدم وجود شخصيات كثيرة بتشعبها وتنوعها.
أيضاً حرصنا على أن يكون في المسلسل مساحة للنجوم باعتبار أنه يُعبر عن اليمن بكلها، وارتفاع نسبة المشاركة فيه، تعود إلى طبيعة المكان والقصة، في الوقت الذي نرى فيه الآخرين يقومون بتصوير أعمال “سيت كوم” في أماكن محدودة، أو أعمال كوميدية أخرى في الخارج في أماكن محددة، ولمسنا تفاعل النجوم وقدموا للمسلسل الكثير.

اختيارٌ موفّقٌ
بالطبع سيّدي الكريم.. أحدثت شخصيات المسلسل حالة من إعجاب الجماهير لدرجة ترديدهم بعض اللزمات الخاصة بالممثلين.. فكيف اخترتم الممثلين لتجسيد الشخصيات؟
– اختيار الممثلين عمل يأتي على رأسه المخرج الأستاذ عبدالرحمن دلّاق المعروف بقدراته العالية في اختيار الشخصيات وإدارة حالتها النفسية مع النص، ضمن القراءة المنطقية للنص، والبعد عن أي اعتبارات أخرى سوى البحث عن الشخص المناسب الذي سيقدم الشخصية المكتوبة، والنجوم موجودون ومتفاعلون، والنص واضح، والتفاهم بين فريق العمل ساعد في ذلك بشكل كبير.

لاحظنا خلال المسلسل انقسام الممثلين بين محوري الخير والشر، مثلا شخصية جابر والحج عبدالله.. برأيك ما الذي جعلهما يعيشان الدور لدرجة أنهما أحدثا حالة من الرضى والسخط في التواصل الاجتماعي والمجتمع بشكل عام؟
– يعود ذلك، إلى أننا أمام نجوم كبار، الأستاذ عبدالكريم المتوكل من نجوم اليمن، والأستاذ محمد الرداعي شخص قادم بقوة إلى الدراما، والكل يشهد له بأنه نجم كبير وقادر على أن يغطي أدواراً كبيرة، وقدراتهم لعبت دوراً كبيراً بلا نقاش، بالإضافة إلى قدرة المخرج على رسم الشخصيات وتناغمها مع يتم تقديمه من مشاهد، أيضاً طبيعة النص والقصة التي تساعد على أن تبرز هذه الشخصيات وأن تقنع المشاهد بأنها حقيقية، بالتالي كان هناك تفاعل من المشاهدين، وشعور بأنهم في هذا الصف ضد هذا الصف، وهذا هو ما تنتجه الدراما حينما تكون واقعية.

الموسيقى التراثية التي أسرت قلوب المتابعين من أجمل ما تميز به مسلسل أبواب صنعاء، فمن أين أتت فكرة الموسيقى البديعة؟
عُرفت صنعاء القديمة والنشيد الصنعاني بجماليته وتميزه، وبعون الله جاءت فكرة الموسيقى على أساس أن تكون موسيقى تصويرية ومواويل إنشادية كلها منسجمة مع طبيعة المكان، وأن تكون متلائمة مع القصة بحيث تبدو كلها كتلة واحدة تصب في ذات الهدف، وكان القائمون على هذا العمل والمعدون له والمؤدون له على قدر هذا الطموح، وبالتالي قُدمت الموسيقى التصويرية بشكل جيّد، وكان هناك توفيق بفضل الله.

لا دراما بدون صراع
تعرض المسلسل لبعض الانتقادات بشأن مناقشته لبعض الظواهر، وصولاً إلى طرح البعض أنه شوّه صنعاء وأهلها.. ما رأيكم حول هكذا انتقادات؟
بالطبع العمل حينما يُقدم إلى المشاهد يكون هناك نقد مقبول، نحن نسعد بالنقد بغض النظر عن كيف يكون؟ أو ممن يكون؟ ونجد أن الأعمال القوية والمؤثرة هي التي يتم نقدها، وإلا هناك كثير من الأعمال لم يتحدث الناس عنها لا سلباً ولا إيجاباً، لأنهم ليسوا مهتمين بها، لكن أن يأتي نقد فهو من باب اهتمام ووجهات نظر لجمهور يشاهد عملاً يعبر عن رأيه فيه.
لكن من غير الطبيعي أن يخرج هذا النقد عن مساره إلى التشكيك في النوايا، فمن غير المقبول ولا المعقول أن يتصور أحد أن الناس يأتون إلى صنعاء القديمة لإنتاج مسلسل، ويسخرون جهودهم ووقتهم وكل ما باستطاعتهم من أجل أن يشوهوا صنعاء، هذا طرح غير عقلاني وغير مقبول.
ولا يعني ذلك أنه لا يوجد قصور، نحن نعترف بوجود القصور، توجد هفوات، كما توجد جوانب لم تُعطَ حقها وهذا طبيعي، لأن الدراما اليمنية لا زالت في بداية الطريق، والعمل أيضاً يأتي في ظروف ومرحلة حساسة ومليئة بالصعوبات والعوائق.
هناك من النقد ما هو إيجابي وصحيح، وهذا يستفاد منه ويؤخذ به، وسنعمل على تلافيه والعمل به في المستقبل، وهناك من النقد ما لا نقول إن نوايا من يطرحونه سيئة، إما لعدم وضوح لديهم في فهم القصة والأحداث، أو قصور في المعرفة للأعمال الدرامية وما تُقدم، وماهي مساحتها، وكيف تسير طبيعة الصراع بين الخير والشر، وإذا لم يوجد صراع بين خير وشر فلا توجد دراما.

هل من توضيح فيما يتعلق بمناقشة المسلسل لبعض الظواهر السلبية في المجتمع سيّدي الكريم؟
– نحن نرى الآخرين رغم أنهم يعتزون بمدنهم سواء في مصر، سوريا، تركيا أو أي دولة، بغض النظر عن المسميات، إلا أنهم لا يقدّمون الموضوع على أنه لا يوجد شخصية تمثل الشر وأخرى تمثل الخير، لكن المهم ألا يكون الشر هو المعبّر عن المجتمع، وهذا هو ما كان في أبواب صنعاء، فشخصية الشر لم تكن معبّرة عن المجتمع، ولا مقبولة فيه، وكل المجتمع كان ضدها، وهذا طبيعي جداً.
البعض يعتبر أننا حينما نناقش مشكلة متعلقة بهذا المكان، لا، مثلما في السنوات الماضية صورنا مسلسلات في قرى ومناطق، في الهجرة في حراز، والطويلة في المحويت، صورنا في الحديدة، وناقشنا قضايا مخدرات وقضايا قتل كثيرة، وكل هذه القضايا الناس يرون أنها لا تخص المجتمع ولا تخص المنطقة، لأن التصوير للعمل في منطقة لا يحصر المشكلة فيها، المسلسل يُصوّر في صنعاء لكن المشاكل تتحدث عن قصص وشخصية تهم المجتمع اليمني بكله، ومن ينتقد في هذا الإطار فهو غير واقعي وغير دقيق.
بعض الانتقادات التي تُقدم تأتي من منطلقات وقراءات تحاول ربط الأشياء والمواضيع أحياناً السياسية والاجتماعية بالعمل، رغم أن العمل واضح من سياقه وشخصياته واضحة، ومن يريد أن يربط أي عمل درامي بما في رأسه من توهمات أو اعتقادات أو وجهات نظر، أو أن يربطه بطرف سياسي أو اجتماعي، يستطيع أن ينسف أي عمل حتى لو كان فيلم الرسالة.

وصلت مشاهدات مسلسل “أبواب صنعاء” إلى أكثر من ٥ مليون مشاهدة وأحدث صدىً واسعاً على التواصل الاجتماعي والشارع اليمني.. فهل حقق المسلسل الأهداف التي جرى إنتاجه من أجلها، وأوصل الرسائل المرجوة؟
– أعتقد أن هذه المشاهدات هي أفضل رد على من يحاول أن يصور بعض الانتقادات أو القصور في العمل على أنه لم يحقق نجاحاً أو لم يلقَ قبولاً، المسلسل بهذه المشاهدات وحجم التعليقات والتفاعل يظهر النجاح، ونلمس أنه أوصل الكثير من الرسائل التي أردنا إيصالها، وأن المجتمع فهم ما يريد “أبواب صنعاء”.
المشاهدات العالية في ظل زحمة الأعمال، حيث يوجد قرابة 12 عمل درامي، تكشف أن العمل عبّر عن اليمنيين، وأوجد حنينية مطلقة له، وأن محتواه الفني كان بالشكل الذي استطاع من خلاله إيجاد مساحة واسعة تفاعلت معه وأُعجبت به وشاهدته، وهذه الأرقام والمشاهدات هي ما تكشف ذلك.

“تكتيك” الفكرة
بخصوص الفكرة.. من أين جاءت فكرة مسلسل أمني يقدّم بقالب جديد لأول مرة في اليمن؟
– قدّمنا في الأعوام الماضية مسلسلات تناقش مواضيع الجوانب الريفية والاجتماعية، فكان ضروريا هذا العام التجديد وارتأينا أن الجانب الأمني هو من الجوانب التي كان الإنجاز فيها بعد ثورة ٢١ سبتمبر ملحوظاً والنقلة فيه واضحة، وبالتالي كانت الحاجة ضرورية لعمل يبرز ذلك، ويعزز الصور الحقيقية التي هي موجودة، والتي نسعى جميعا للوصول إليها في إيجاد أمن للمواطن وليس عليه.
ومن هنا جاءت الفكرة، وحرصنا أن تكون بقالب جديد، وبالرغم من وجود أعمال أمنية سابقة، لكنها لم تكن معبرة عن الصورة الحقيقية التي ينبغي أن يكون عليها رجل الأمن، وعملنا على ذلك وأعتقد بأننا قد وفقنا بفضل الله.

وأنتم أحد كتّاب القصة.. ما المسارات الرئيسية التي ضمتها؟ ولماذا أكثر من كاتب لقصة المسلسل؟
– نحن سعينا إلى أن تكون القصة غير مملة وأحداثها مُشوقة وحبكاتها جيّدة، وتُقدم رسائل متنوعة، وفي البداية عملنا على ورشة كتابة بمشاركة الكُتّاب الرائعين الأستاذ صلاح الدين نعمان، والأستاذ طاهر الزهيري، والأستاذ معاذ البزاز، والأستاذ خالد الديلمي، وكنت معهم.
سعينا إلى إيجاد قصة تجمع بين الجانبين الاجتماعي والأمني، وفيها مسار كوميدي، وتُقدِم توعية أمنية للمواطن ورجل الأمن، وتُظهر الصورة الحقيقية للإنجازات الأمنية، وتبرز بعض القضايا والمشاكل الاجتماعية وتعالجها بشكل خفيف وجميل وتقدم توعية حولها.
حرصنا على أن يكون العمل برمّته مؤثراً وجذاباً، وبالتالي كان للمشاركة في الكتابة أثرها الطيب، بالإضافة إلى وضوح الرؤية والمسارات، كل هذا ساعد في إيجاد قصة جيدة، انتقلت بعد ذلك إلى التأليف والسيناريو والحوار للأستاذ محمد فاروق مع الأستاذ صلاح الدين نعمان، والحمد لله.

الأبرز والأقوى
رصدنا أكثر من رأي وأكثر من تقييم وكلها تشيد بمسلسل “تكتيك” حتى من طرف العدو.. ويجمع الكل على أن مسلسل “تكتيك” هو أرقى عمل درامي لهذا العام، فما الذي تميّز به المسلسل؟
– المسلسل تميّز بقصة قوية وفكرة واضحة جذبت الجمهور، وجانب فني قوي وراق راعى كافة التفاصيل، وكان مؤثراً وجيّداً من مختلف النواحي، التصوير والديكور والإكسسوارات الملابس، التصحيح اللوني والموسيقى والجرافيكس والخدع البصرية، وبالتالي تميّز المحتوى بكونه قوياً، ومشاركة نجوم سواءً كانوا سابقين لهم خبرتهم وجمهورهم ولهم القدرة على تقديم الشخصيات، أو وجوه جديدة صاعدة بقوة امتزجت مع النجوم وقدموا صورة جميلة وجديدة وراقية.

ما الرسائل التي حرصتم على إيصالها من خلال مسلسل “تكتيك”؟
– بالتأكيد الرسائل عديدة ومتنوعة تعكس الإنجازات التي تحققت في الجانب الأمني، وتعكس الصورة الحقيقية التي يجب أن يكون عليها رجل الأمن، وتبرز خطورة الخيانة والمندسين في الجانب والأمني وكل المجالات الحكومية.
حاولنا أيضاً إيضاح الكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية، التي تخلق بيئة ملائمة لحصول الجريمة، أو تخلق اختلالات أو مشاكل اجتماعية، وحاولنا إيصال رسالة عن طبيعة المجتمع اليمني وعاداته، التي هي نابعة من هويته الإيمانية، والتي تخلق مساحة آمنة فيها عيش مشترك مبني على التراحم والتعاطف، والمسلسل في النهاية رسائله متنوعة؛ لكنها تصب كُلُّها في ذات السياق الذي يبرز عظمة الشعب اليمني وعظمة إنجازات الجانب الأمني في هذه المرحلة.

11 مليون
برأيك ما الذي جعل الإقبال على مشاهدة مسلسل “تكتيك” أكثر من أي مسلسل يمني آخر بناءً على واقع إحصائيات المشاهدات الحقيقية التي تجاوزت الأحد عشر مليون مشاهدة وما تزال في تصاعد؟
– طبعاً القضية ليست قضية أرقام فقط، فنحن نلمس في الشارع أن مسلسل تكتيك هو الأبرز والأقوى بشهادة الصديق والعدو، حتى أنك تستغرب ممن يُشَكَك في إحصائياتهم أنك لا تلقى لأعمالهم صدى في الشارع وليس هذا تحاملاً، على عكس مسلسل تكتيك كان له حضور في الشارع، تفاعل معه الجمهور وشاهده بشغف.
ويعود ذلك إلى القالب الجديد الذي ظهر به، حيث يتعطش الناس في اليمن للأكشن والقالب التشويقي، فضلاً عن جانب القصة المؤثرة التي ارتبط الناس بها وبشخصياتها، والنجوم المشاركين والعمل الفني الراقي، هذا كله يجعل أي مشاهد يرتبط بهذا العمل ويجد نفسه فيه؛ لأنه لم يجد ما هو أفضل وأقوى منه لينصرف عن مشاهدته.

ظهر العمل كوحدة متكاملة في الموسيقى والمؤثرات البصرية القوية وبقية التفاصيل.. ما السر في ذلك؟
– بالتأكيد العمل ظهر بهذه الطريقة بوجود قصة واضحة المعالم وسيناريو واضح، والعمل على رأسه المخرج القدير محمد فاروق، الذي استطاع أن يدير العمل بشكل جيّد، وأن يحشد كل هذه العناصر بشكل ذكي.
ونحن كجهة منتجة عملنا مع قناة المسيرة على توفير كل ما يمكن توفيره، وحرصنا على أن يخرج العمل بأرقى صورة، وأيضا بفضل وجود طاقم فني جميل وكادر محترف، هذا كله حين اجتمع أنتج بفضل الله عملاً راقياً ومميزاً، وفي الأول والأخير توفيق الله وتسهيلاته هي الأساس.

قصة ونجوم
تفرّد “تكتيك” بضم كبار نجوم الشاشة اليمنية.. هل للقصة علاقة بمشاركة كبار النجوم؟
– العلاقة متبادلة وتكاملية، لا يمكن للنجم أن يعطيك شيئاً عندما لا يكون هناك قصة وسيناريو قوي ومحتوى فني قوي، وأيضاً لا يمكن للقصة القوية والسيناريو والمحتوى الفني أن تتجسد بشكل قوي، ما لم يكن هناك نجوم قادرون على إعطاء الأدوار حقها، فالعلاقة تكاملية، ومشاركة النجوم كان لها أثر في ذلك والطاقم المحترف والإنتاج الجيّد كان له أثر كبير أيضاً.

في المقابل كان هناك مشاركات لوجوه جديدة من اليوتيوبرز وغيرهم وهذه نقلة في الدراما اليمنية، فلماذا اخترتموهم تحديداً؟
– نحن نسعى في المؤسسة بشكل دائم إلى إتاحة فرصة للوجوه الجديدة، باعتبارنا نثق بأن هناك كثيراً من الوجوه الصاعدة التي تحتاج للدعم والمساندة، وفي أكثر من عمل بفضل الله عملنا على إبراز الوجوه الجديدة ودعمها.
في هذا العمل _منذ البداية_ سعينا إلى إشراك الوجوه الجديدة وإتاحة فرصة لها، والشخصيات والأدوار المكتوبة هي التي قادت لاختيار هذه الوجوه الجديدة، وكان هناك كثير من الأدوار والشخصيات التي استدعت مشاركتهم، وكانوا بالتأكيد بمستوى تلك الشخصيات، والجمهور بكله تفاعل مع هذه الوجوه، بل وشعر بأنه يعرفها منذ وقت طويل، وأن هذا ليس أول ظهور لها.

أبرز مسلسل “تكتيك” إنجازات وزارة الداخلية والأمن بشكل عام.. ما مدى تفاعل الجهات الرسمية معكم في إنجاح ذلك؟
– الجهات الرسمية كان لها تفاعلاً طيباً وملموساً، ووزارة الداخلية قدّمت الكثير من التسهيلات وتعاونت في سبيل تصوير مشاهد المسلسل، وتفاعُل كل الجهات الرسمية بشكل عام في أكثر من جانب وأكثر من محطة في العمل كان جيّدا، ولم نجد عوائق، وهذا يعود إلى وعي الجميع وإدراكهم لأهمية العمل، فنحن وإياهم نرى في هذا العمل خدمة للناس ووسيلة للتوعية، وتقديم الصورة الحقيقية للجانب الأمني، وإبراز الوجه المشرق من اليمن في ظل التشويه، وفي ظل هذا العدوان، وبالتالي كان التفاعل طيباً وأثَرُهُ ملموساً.

“بين خيارين”
في أغلب الأعمال الدرامية اليمنية يعد الوقت أكبر تحدٍ يواجهه المنتجون ولكم تجربة في ذلك.. فما الذي حال دون إكمالكم للتصوير قبل شهر رمضان المبارك؟
– كما ذكرت لكم نحن نعمل في ظرف استثنائي في ظل العدوان والظرف الاقتصادي الصعب، فأنت إذا احتجت بعض الأدوات فإنها ستمر بمسيرة طويلة حتى تصل إليك، ناهيك عن أننا من جانب آخر سعينا في مسلسل تكتيك أكثر من مرة، إلى إعادة القراءة للنص والتعديل فيه وكتابته أكثر من مرة، وبذل كُتّاب السيناريو والتأليف في هذا الإطار الشيء الكثير، ومن الصعب تصوير عمل احترافي في فترة تصوير لم تتجاوز شهرين، وأحيانا بعض المشاهد ومراعاة التفاصيل فيها كانت تحتاج وقتاً طويلاً.
بالتالي كنا بين خيارين، إما أن يهبط مستوى العمل، أو أن نستمر في التصوير رغم الظرف الضيق ودخول شهر رمضان، لكن _بفضل الله_ استطاع الطاقم أن يواصل العمل ويحافظ على المستوى، وأن يواكب في تقديم الحلقات للجمهور، رغم ضيق الوقت، وطبيعة صعوبات التصوير التي تزداد مع تغير طبيعة الحياة في شهر رمضان.

مع كل ما واجهتم من صعوبات، هل تأثر إنتاج المسلسلين؟
– بالتأكيد تأثر، لكننا بعون الله نقلنا التأثير من أن يكون على مستوى العمل، إلى الطاقم والجهة المنتجة والقناة، وسعينا بدأب إلى أن يرى المشاهد العمل كما هو ويستمتع به، حتى وإن كان خلفه جنود مجهولون من الطاقم والعاملين يصلون الليل بالنهار، ويتحملون الكثير من الأعباء والتكاليف في سبيل الحفاظ على هذا المستوى.

هل كنتم تتوقعون أن يظهر مسلسل تكتيك بالشكل اللافت الذي ظهر به ويوصل الرسائل المطلوبة رغم ضغط الوقت؟
– بعون الله وتوفيقه نحن نثق أن النص القوي إذا وجد من يقدّمه بشكل قوي أنه سيلقى صدىً جيّداً، وبالتالي كنا نتوقع أن يحقق مسلسل “تكتيك” هذا الصدى وهذا الحضور نتيجة للجهود التي بذلت في مرحلة كتابة النص، والإمكانيات والظروف التي هيأناها له، ولا نُخفي أننا تفاجأنا بأن المستوى جاء أكثر من المتوقع في التفاعل والحضور، وهذا يعود لطبيعة الجمهور اليمني المتفاعل والراقي في التعامل مع ما يراه من عمل مميز.

على ذكر جمهوركم المتفاعل والمتابع، هل تعدون الجمهور بشيء أو مسلسل أو أعمال قادمة؟
– من المبكر أن نعد الجمهور، لكننا سنظل بعون الله وتوفيقه كمؤسسة وكجهة منتجة في مسار أن نقدم لجمهورنا وأمتنا الأعمال التي ترفع من مستوى وعيها، ومستوى إدراكها للمرحلة ومواجهتها للتحديات سواء في الدراما أو غيرها.
وعلى مستوى الدراما فإن ما تحقق من نجاح في مسلسلي تكتيك، وأبواب صنعاء، يُحمّلنا عبئاً كبيراً في أن نستمر في أعمال قوية وقادمة بشكل تصاعدي، وهذا يحتاج إلى عون الله وتوفيقه ومساندة هذا الجمهور الراقي والمتميز.

في بداية الطريق
ندخل إلى محورنا الأخير وهو الدراما بشكل عام، يجري إنتاج مسلسلات درامية يمنية كل عام بمستوى معين، برأيك هل من سبل لتطوير الدراما اليمنية؟
– الدراما اليمنية لا تزال في بداية الطريق، ونحن الآن في مرحلة عدوان كبير، وأمامه صمود شعبي وانتصارات كبيرة تحتاج إلى من يجسدها ويقدّمها في واقع المستقبل، نحن أمام ثقافة قرآنية إيمانية راقية جداً العالم كله ينتظرها ويتطلع إليها ليتعرف عليها، وأمام شعب يحمل هوية إيمانية العالم كله أيضا يتطلع ليتعرف عليها وينجذب إليها، وهذا كله من أبرز وسائل تقديمه الدراما.
ولأن الدراما اليمنية لا تزال في بداية الطريق، فإنها أمام هذا كله تحتاج إلى كثير من العمل والتأهيل والمراجعة والتقييم الدائم للأعمال، وتوفير البنية التحتية التي تستطيع من خلالها الخروج من الموسمية لتكون أعمالاً دائمة.
من الضروري أيضاً أن يكون هناك وعي بأهمية هذا العمل سواءً على المستوى الرسمي أو المستوى غير الرسمي، بحيث تصبح صناعته وتطويره والاحترافية فيه طموح للجميع، باعتباره الوسيلة السهلة لإبراز وجه اليمن، وعظمة هذا الشعب وماضيه وحاضره ومستقبله، وهذا يحتاج إلى تضافر جهود وتوفير إمكانيات وتعاون واستفادة من تجارب وخبرات الآخرين.

هل استطاعت الدراما الوطنية عبر “مسلسل أبواب صنعاء، وتكتيك، وباقة ورد” وبقية المسلسلات مواجهة التضليل والاستهداف الممنهج من قبل قنوات قوى العدوان؟
– نعم، ونحن نلمس أن هناك تفاعلاً كبيراً في الشارع اليمني، وأن الشعب اليمني أصبح قادراً على التمييز بين ما هو يعبّر عنه وما يسعى لتشويهه، والأعمال المقدمة هذا الشهر _بشهادة العدو والصديق والقريب والبعيد_ كانت في مستوى التعبير عن هوية اليمنيين وقضاياهم وتطلعاتهم.
إلى ذلك نرى أن هذه الأعمال استطاعت مواجهة الكثير مما قُدّم بشكل مغلوط، وأن الناس أصبحوا يعرفون اليوم إلى أين يتجهون وماذا يشاهدون، أما من يقدمون أعمالاً هابطة ولا تُعبّر عن اليمنيين فليسوا أصلاً بمستوى أن يكونوا خصما يواجههم أحد، فالناس لم يعودوا يتطلعون إليهم، ولا يحسبونهم رقماً، ولا يلتفتون إليهم.

صراعٌ محمومٌ
على ذكر الأعمال الهابطة التي تنتجها قنوات العدوان.. برأيك لماذا ينتج العدو هذه المسلسلات وينفق عليها ملايين الدولارات؟
– الدراما من وسائل التأثير في المجتمعات، والمجتمع اليمني اليوم مُستهدَف عسكرياً وأمنياً واقتصادياً، بالتالي سيُستهدَف ثقافياً وإعلامياً عبر الحرب النفسية والإعلامية والتضليلية، وإنتاج هذه الأعمال الهابطة يأتي في إطار تشويه الصورة اليمنية والتاريخ اليمني، ومحاولة إلهاء الناس وشغلهم عن الاهتمام بالقضايا الكبيرة وإيجاد وعي حقيقي ينفعهم في دنياهم وأخراهم.
وبالتالي القنوات التي تُقدّم لك الخبر الكاذب، وتنقل صورة مغلوطة عما يجري في اليمن، وتصب في إطار خدمة المشاريع الخارجية، حينما تنتج لن تنتج إلا شيئاً هابطاً، وحينما تنفق عليها أموالا كثيرة، فهي تريد أن توجد لها مساحة وأن يقبلها الناس، كما قد ملوا من أخبارها وأكاذيبها وبرامجها، تريد أن يتقبل الناس اليوم أكاذيبها وافتراءاتها وتدليسها وتزييفها للشخصية اليمنية والتاريخ اليمني والواقع اليمني والماضي والمستقبل من خلال الدراما والكوميديا والرسائل غير المباشرة، لكن هم محبطون ويعرفون أن هذا لم يَعُد ممكناً.

في مواجهة هذا النشاط التضليلي لقنوات العدوان.. ما الذي يتوجب على القنوات الوطنية والإعلام الوطني فعله سيّدي الكريم؟
– على الجميع استشعار أن القضية ليست إنتاج الأعمال من أجل الأعمال فقط، ولكن العمل على إبراز مظلومية هذا الشعب وإبراز عظمته وهويته وتاريخه، وإبراز الثقافة التي صنعت هذا الصمود وهذا الشموخ في مواجهة العدوان، والمسؤولية كبيرة يتوجب على الجميع فيها تقييم الواقع وما قد تم تقديمه، وأن نسعى جميعاً لأن يكون قادم الأعمال وقادم الأعوام بشكل أقوى، وأن يكون هناك تكامل وسعي لإبراز وجه حقيقي للدراما اليمنية المعبّرة عن الإنسان اليمني.
ومطلوب أيضا السعي لتلافي أوجه القصور، وألا نكون امتدادا للقصور الحاصل في كثير من الأعمال السابقة والنمط السابق، وأن نأخذ الإيجابي منها ونترك السلبي، وأن نكون على ثقة بأننا نستطيع أن نقدّم وأن نبدع بشكل كبير في هذا المجال البسيط، كما استطاع الإخوة في التصنيع أن يبدعوا ويُقدموا وينافسوا الصناعات العسكرية الأمريكية والغربية.
نستطيع بإذن الله أن نُقدّم ثقافة ليست فقط تُحصّن مجتمعنا، بل تتعدى إلى تقديم ثقافتنا ومبادئنا النابعة من ثقافة حقيقية وقيم إنسانية، مرتبطة بالله سبحانه وتعالى في العالم بكله.

كلمة أخيرة توجهونها من خلال صحيفة “الثورة”..
– في الأخير بحكم أن اللقاء حول الدراما، أوجه الشكر للمخرج الكبير الأستاذ القدير عبدالرحمن دلاق، مخرج مسلسل أبواب صنعاء، والمخرج الأخ القدير محمد فاروق، مخرج مسلسل تكتيك، ولكافة النجوم المشاركين في الأعمال، ولكافة الطواقم الفنية المشاركة، ولكافة العاملين من المؤسسة ومن خارجها، وللمتعاونين معنا في إنجاح وإبراز هذه الأعمال سواءً جهات رسمية أو غيرها.
والشكر الأكبر هو للجمهور المتفاعل معنا، والذي حظينا بتقديره وإعجابه ومساندته لنا في هذه الأعمال وفي غيرها، ولهم تكون استمراريتُنا وتألق الأعمال إن شاء الله، والشكر لكم في صحيفة “الثورة” على إتاحة الفرصة للمناقشة حول هذه المواضيع، والشكر أولاً وأخيراً لله الذي وفّقنا في هذه الأعمال، وسهّل لنا الكثير من الصعوبات فيها، ونعتذر من الجميع عن أي قصور، ونسأل من الله التوفيق والعفو والمغفرة.

 

* نقلا عن :الثورة نت


في الخميس 09 يونيو-حزيران 2022 06:38:12 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://www.cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.cfca-ye.com/articles.php?id=5454