كان 2020 الذي نعيش آخر لحظاته عاما استثنائيا بكافة المقاييس، ورأينا فيه العجب العجاب عن ضعف وهوان وقلة حيلة هذا الإنسان المتعجرف الذي ظن نفسه قد بلغ منتهى العلم والتقدم العلمي، كما تجلت فيه الآيات البينات عن عظمة ورحمة الخالق العظيم بعباده المستضعفين في الأرض وكيف كانت الطافه كبيرة سبحانه وتعالى بالشعوب الفقيرة ممن لا تمتلك الإمكانيات الهائلة مقارنة بالدول العظمى التي رفعت الراية مبكرا في مواجهة فيروس كورونا الذي ضرب ولايزال حتى اللحظة بكل قوته في أمريكا وأوروبا وكان رحيما إلى حد كبير بالفقراء والمعدمين في شتى بقاع الأرض.
-عاش العالم في ظل انتشار الفيروس أوضاعا حرجة وضعت كما يقول كثير من المفكرين الحضارة الحديثة أمام أسئلة شائكة حول جدوى التقدم العلمي والتكنولوجي وخاصة في مجال العلوم الطبية، كما أن هذا المخلوق المجهري والذي يدشن العام الجديد بظهور سلالة جديدة منه فاجأ العلماء والمختبرات والمصانع وأحدث التقنيات ومازال يفاجئ الجميع بتحولات وتغييرات مفاجئة جعلت أحدث ما توصل إليه العقل البشري حائرا أمامه في معجزة ربانية ورسالة سماوية واضحة تخاطب البشر بأن الحل الأمثل في المواجهة يكمن في الإقرار بالعجز والمسارعة إلى التوبة والرجوع إلى الخالق العظيم.
-لقد أعاد كورونا إلى الواجهة فكرة المصير البشري المشترك على الرغم من التمايزات والصراعات بين القوى العظمى وأطماعها واستكبارها التي لم تتوقف للحظة في العبث بأرواح الناس ومصالحهم في كل مكان، ولعل ما يجري من دعم دولي سافر ومتواصل لآلة القتل السعودية بعدوانها المستمر على اليمن منذ ست سنوات خير دليل على ضلال وتيه تلك القوى الخاوية والمتعطشة للمال وجعله أولوية قصوى على كل القيم والمبادئ الإنسانية، وعدم الاكتراث بالملايين الذين تزهق أرواحهم في سبيل هيمنتها على العالم حتى لو كان عدد الضحايا من مواطنيها في هذا الوباء هو الأكبر على مستوى العالم، ونتحدث هنا عن الولايات المتحدة التي كانت ولا تزال ابرز المتورطين في سفك دماء اليمنيين حتى آخر لحظات عمر إدارة ترامب المهزوم.
-كان بطش كورونا أشد وأنكى في الدول المتقدمة عنها في البلدان الفقيرة ليزيل الوهم الذي عشش طويلا في عقول الشعوب الغربية بأنهم يعيشون في دول تستطيع حمايتهم من أي داء أو وباء يمكن أن يعترض طريقهم أو يهدد حياتهم.
-على المستوى المحلي كان الفيروس رحيما بشعب ناصبه العالم العداء وأغلق مطاراته وموانئه ومنافذه البرية والبحرية والجوية لسنوات، ولعل ما تسبب به من إغلاق لمطاراتهم ومنافذهم كان انتقاما إلهيا من هذا العالم الذي أعمته مصالحه وبريق أموال الأغنياء عن رؤية الحقيقة ومناصرة الحق وأهله، وإذا بالفيروس يذيقهم بعضا مما أذاقوه لشعب اليمن .
-وها هو العام الذي بات يعرف بكورونا يوشك على الرحيل متزامنا مع بدء الدول الكبرى والمتقدمة تنفيذ حملات واسعة لتطعيم مواطنيها بلقاحات مضادة للوباء لاتزال محل شك وارتياب في كفاءتها بمواجهة الفيروس وسلامته ومأمونيته على الجسم البشري، لكن السلالة الجديدة منه التي ظهرت في بريطانيا وفرنسا وغيرهما تضع الجميع مجددا أمام تحديات كبرى لاشك ستتفاقم خلال العام الجديد وبالتالي تواصل الرسائل السماوية عبر هذا المخلوق الذي لا يرى بالعين المجردة إلى أن تعي العقول وتدرك مضامينها الواضحة والى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا وكل عام والجميع بخير وسلام .