-قد تختلف الرياض وأبو ظبي في بعض التفاصيل الصغيرة وما يتعلق بالأدوات والتكتيكات والوسائل، لبلوغ كل طرف مصالحه ومآربه الخاصة في اليمن، التي تحظى هي الأخرى باحترام وتفهّم الطرف الآخر. لكن عندما يتصل الأمر بتمزيق اليمن ونهب ثرواته ومصادرة قراره الوطني والتحكّم بمقدراته وزرع بذور الفتنة والاقتتال بين أبناء شعبه، فهما متفقان حتى النخاع. وكل الشواهد والوقائع في الميدان تؤكد ذلك، بما لا يدع مجالاً لمقدار ذرة من شك أو التباس.
-الاتفاق الاستراتيجي بين السعودية والإمارات على ضرب وحدة اليمن وتوسيع حالة التشرذم والفرقة وإضرام نار العداوة والبغضاء بين اليمنيين، لا يحتاج لتأكيدات وتوضيحات إضافية من قبل مرتزق ومعتوه مثل المدعو عيدروس الزبيدي الذي تحدث عن ذلك الدعم قبل يومين بهدف طمأنة المشاركين في لقائه الانفصالي الذي انطلق الخميس في عدن بتكلفة ملياري ريال تكفّلت كل من الرياض وأبوظبي بدفعها بنفوس مطمئنة راضية، بينما تعيش عدن وكل المحافظات في نطاق سيطرتهما انفلاتاً وفوضى أمنية وتردياً غير مسبوق للأوضاع الخدمية وفي كل مجالات الحياة العامة.
- العميل الزبيدي الذي عيّنته الرياض نائباً لرئيس مجلسها الرئاسي، ويسمّي نفسه في وسائل إعلامه المموّلة من أبوظبي الرئيس القائد ويرفع راية الانفصال المقيتة حيثما حلّ أو رحل ويعزف نشيده الوطني الخاص بدولته، قال بوضوح وبلا مواربة أن ميليشياته المسلحة التابعة لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” الحالم بالانفصال تحظى بدعم لا محدود من قبل السعودية والإمارات وأن وجوده في تشكيلة “مجلس القيادة الرئاسي” ليس سوى إجراء مرحلي تتطلبه الظروف الحالية لتحقيق مكاسب اقتصادية وخدمية لشعبه، ولمواجهة الخطر المشترك الذي يهدد جمهوريته الجنوبية الموعودة، في إشارة واضحة إلى السلطات الوطنية في صنعاء وكل القوى اليمنية المناهضة للعدوان ومشاريعه التدميرية.
– لا أدري كيف ينساق الكثيرون، ومنهم للأسف سياسيون وإعلاميون وناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي ومنابر إعلامية محسوبة على الصف الوطني، وراء أكذوبة الخلاف السعودي الإماراتي في اليمن، بل إن منهم من يذهب بعيدا في ذلك، ليتوهم ويروّج بصورة أو بأخرى لنظرية أن السعودية داعمة لوحدة اليمن وشرعيته المزعومة وأنها تقف بصرامة ضد المخططات الإماراتية لفرض واقع تمزيق اليمن بقوة مليشيات العصابات المسلحة التي تتحكّم اليوم بكل تفاصيل الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية في المحافظات الجنوبية والشرقية الخاضعة للاحتلال، فيما لا يعدو ممثلو “شرعية” العليمي عن كونهم أسارى في فنادق الرياض أو في أحسن الأحوال سجناء في مكاتب مغلقة بعدن لا يملكون من أمرهم شيئاً، وذلك على مرأى ومسمع من المحتل السعودي ومليشيات درع الوطن التي أنشأها كما زعم لتقليص نفوذ كيانات الانتقالي المسلحة وتعزيز سلطة “الشرعية” على عدن ومناطق الجنوب الأخرى الواقعة تحت رحمة وتحكّم قطبي العدوان.
– الشائعات والمزاعم التي اتسعت خلال الفترة الماضية حول الخلافات العميقة بين الرياض وأبو ظبي والاستدلال على ذلك ببعض ما يرد على ألسنة روّاد مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا السعوديين منهم ورسائلهم المثقلة بالحمولات الزائدة في الهجوم اللاذع على الانتقالي وقيادته، لا أراه غير تكتيك خبيث متفق عليه بين القطبين لإلهاء اليمنيين وعرقلة تفكيرهم الجدي حول ما تنطوي عليه مشاريعهم الخبيثة في اليمن من مخاطر استراتيجية كبرى تمس حاضر ومستقبل الشعب اليمني وتمتد آثارها لعقود طويلة ولزمن لا يعلم مداه إلّا الله.