تقريرٌ لوكالة الأنباء “رويترز” بعنوان (رجلٌ في الأخبار) استعرض فيه شخصية السيد عبد الملك الحوثي بطريقة تحليلية، بدأ من نشأته البسيطة في كنف والده -سلام الله عليه-، مُرورًا بنبوغه في سن صغير، وشجاعته في المواجهة إبان الحروب الست، واكتسابه ثقةَ ومحبةَ كُـلِّ أنصاره ومؤيديه؛ حتى أصبح زعيماً وطنياً.
التقرير تطرق إلى خطب السيد عبدالملك السياسية والتي وصفها بالقليلة، لكنها تصيب الهدفَ بدقة؛ لأَنَّ السيد -بحد قولهم- بارع في تحيُّن الفرص، وأن ذلك اكتسبه من خلال قيادته لحركة أنصار الله بعد استشهاد السيد القائد، التقرير ذكر مرونة السيد فيما يخُصُّ المذاهبَ والطوائف، بحيثُ إنه لم يَظهَرْ أبداً في أي موقف متحيِّزاً لمذهب أَو طائفة.
الكثيرُ من الأمور التي استعرضها تقرير “رويترز” عن شخصية السيد عبد الملك كانت بمثابة التساؤلات والبحث عن لُغز هذه الشخصية، ومحاولةِ الغوص في أعماقها؛ عَلَّهم يجدون طريقةً لمواجهته، ومواجهَةَ ما يحمله، من منهجية وثقافة، ووعي.
أعتقد أن هذا التقرير لم يكن فكرةً في رأس صحفي، أتت في لحظة للكتابة عن شخصية مشهورة، أَو عن زعيم حركة إسلامية، ممن سقطوا في أول مواجهة أمام عدوهم، وانكشفت أقنعة انتماءاتهم؛ الأمر يتعدى ذلك بكثير؛ فمن خلال قراءة التقرير يتضح أنه جاء بعد دراسة مكثّـفة، ومتابعة دقيقة لهذا القائد الحكيم، الذي سار بأبناء شعبه في ثورتهم ومعركتهم التحرّرية من الهيمنة الأمريكية وقادهم إلى بر الأمان؛ فكانت كُـلّ خطواتهم مدروسةً وسليمةً وواعيةً.
الكثيرُ من المحللين والباحثين والمهتمين ومن يقرؤون ما بين السطور يعلمون جيِّدًا أن الشعبَ اليمنيَّ لم يمتلكِ الإرادَةَ والوعي، والإيمانَ بقضيته العادلة، إلا من خلال قيادته، وأن انضواءهم تحت قيادة هذا القائد الشجاع، هو ما اكتسبوا من خلاله تلك القوة والثبات والصبر، طوالَ أكثرَ من ثمانية أعوام من العدوان والحصار؛ وهو ما جعلهم يسيرون في خُطَى ثابتة، ويصنعون المستحيلات، وقد شاهد العالم بأسره كيف كانت تنتهي خُطَبُ السيد عبد الملك، عن حدث طارئ أو تحَرّك جديد، إلا ويعقبها في اليوم الثاني تحَرُّكٌ وخروج شعبي كبير؛ وهذا ما صنع المتغيرات وطوَّعها لصالح أبناء الشعب اليمني، وهو التسليم والثقة بهذا القائد المؤمن المحب لأبناء وطنه.
لذلك كان لا بُـدَّ من تحليل شخصية هذا القائد الشاب، الذي قهر أمريكا، وأفشل مخطّطاتها في أرض الحكمة والإيمان، وصنع من شعبه قوةً جبارةً لا تُقهر، بل تدوس على كُـلّ من يحاولُ قهرَها وإذلالَها.
وهذا التقريرُ هو غيضٌ من فيضٍ مما سنراه في قادم الأيّام، من محاولات لمعرفة المزيد عن هذه الشخصية، كيف تكوَّنت هذه الشخصية النادرة، وسِرُّ جاذبيتها وسر حب الكثير في داخل اليمن وخارجه لها؟ وكيف يمكننا أن نبعد الناس عنها؟!
ولن تكون خفية أو في السر، بل ستظهر إلى العلن، وإن شابتها بعض المغالطات الإعلامية، والمصطلحات غير المرغوبة، كما في التقرير، إلا أنها لن تزيِّفَ الحقيقة، ولن تخفيَ ضوءَ النهار.
تقريرُ “رويترز” وغيره مما كُتب عن السيد عبدالملك الحوثي، أكبرُ شاهدٍ على أن ما حاولوا إخفاءه من صفاته ومناقبه ظهر على ألسنتهم وكتبوه بأيديهم.
* نقلا عن : المسيرة