بسبب توابع قضية اغتيال المعارض السعودي جمال خاشقجي في تركيا، الشهر الماضي، تعرضت العائلة المالكة السعودية لكثير من الضغوط المطالبة بالتغيير.
وأهم الضغوط والتدخلات الجديدة هي التحركات المدعومة من الاستخبارات البريطانية، والتي يقودها الأمير أحمد بن عبدالعزيز لمحاولة إزالة ولي العهد محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وأن تقوم ما تسمى هيئة البيعة السعودية باختيار ولي عهد آخر، وهي محاولات تواجه بمقاومة ورفض من محمد بن سلمان وبعض حلفائه.
في السنتين الأخيرتين توغلت سلطات محمد بن سلمان بشكل كبير وغير متوقع، وقام بسجن عدد كبير من أمراء الجيل الثاني من أولاد الملك عبدالعزيز (ت: 1953م)، وبعضهم من الشخصيات البارزة مثل الوليد بن طلال وأخيه خالد بن طلال، وكذلك متعب بن عبدالله.
كما اندفع محمد بن سلمان في تركيز الصلاحيات المالية والأمنية والعسكرية في يده، مستغلاً حالة مرض الزهايمر المسيطر على أبيه الملك سلمان، والذي يؤكد معارضون سعوديون عديدون أنه يستغرق في حالة الزهايمر (الخرف الشيخوخي والنسيان) لعدة أيام، قبل أن يستيقظ منه لنصف ساعة أو أقل، ثم يدخل في حالة جديدة لأيام ممتدة.
وهذا الأمر جعل محمد بن سلمان يسيطر على كل القرارات باسم الملك، الذي يمنع أي أحد من الدخول عنده، أو مقابلته بدون إذن أو تنسيق مسبق مع ولي
العهد، وبدون مراقبة ووجود كاميرات وجواسيس لنقل الكلام له.
كان للملك عبدالعزيز (مؤسس المملكة العربية السعودية سنة 1932) عدد كبير من الأبناء يبلغون حسب أوثق المصادر 36 ولداً ذكراً، تولى السلطة بعد موته سنة 1953 عدد منهم، وهم: سعود (الذي تم خلعه من العرش سنة 64 بانقلاب أبيض من أخيه فيصل)، ثم فيصل (توفي سنة 75)، ثم خالد (توفي 82)، ثم فهد (2005) ثم عبدالله (2015)، ثم سلمان الملك حالياً في السعودية.
وهناك كثير من أولاد عبدالعزيز توفوا سابقاً، بعضهم ممن تولى مناصب مهمة مثل سلطان ونايف ومنصور، وبعضهم ممن لم يتول مناصب مهمة سابقاً.
وما زال هناك عدد من أولاد عبدالعزيز على قيد الحياة، لا يقل عمر أصغرهم عن 70 سنة، منهم الأمير أحمد بن عبدالعزيز، والأمير طلال، والأمير مقرن.
وقد استطاع الأمير محمد بن سلمان تهميشهم وتعيين نفسه ولياً للعهد بحجة أنها أوامر الملك سلمان، الذي يعيش حالة الخرف ولا يدري بمعظم ما يدور حوله.
وهذا التصرف وغيره أدى لغضب مكتوم عند كبار وصغار العائلة الحاكمة، وجاء وقت تنفيس هذا الغضب بعد الضغط الدولي الكبير على محمد بن سلمان، ونتوقع أن تصطف العائلة الحاكمة خلف تحركات أحمد بن عبدالعزيز (وزير الداخلية الأسبق) والمدعومة بريطانياً، لإبعاد محمد سلمان، والحفاظ على السلطة بيد بني سعود في الرياض.
ولكن الخطر على تلك التحركات أن معظم السلطات المالية والعسكرية والأمنية هي بيد محمد بن سلمان، وهو ليس مستعداً للتنازل عن أي منها حتى لو اضطر لاعتقال بقية أعمامه وأبناء عمومته، والقضاء عليهم، فالملك عزيز كما يقولون، وعلينا أن نتابع ونرى.