عبدالباري عطوان
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالباري عطوان
كيف “هزم” اليمن أمريكا وحامِلات طائراتها المِلياريّة
أمريكا تُفعّل قرارها بوضع اليمن على قائمة الإرهاب.. كيف احتفل اليمن بهذه “الخطوة المُشرّفة”
“إسرائيل” تنهار.. فكيف يكون الردان العربي والإسلامي الآن وفي المستقبل المنظور؟
من منظور حِسابات الرّبح والخسارة: حركة “الجهاد الإسلامي” خرجت مُنتصرة
لبنان: ما هي السّيناريوهات السياسيّة والعسكريّة في المرحلة المُقبلة؟
ماذا يعني “رضوخ” عشر دول أوروبية لشروط بوتين
هل ارتكب الرئيس أردوغان خطيئةً كُبرى بمنع الطّائرات الروسيّة من استِخدام الأجواء التركيّة؟
أُعاهد أهلنا وشُهداءنا وأسرانا أن التهديدات الإسرائيليّة لن تُرهبني
“حزب الله” يعلن الحرب على السعودية والبداية احتضان المعارضة علنيا ورسميا في الضاحية الجنوبية
هل سيُؤرِّخ العام الجديد لطرد جميع القوّات الأمريكيّة من سورية؟

بحث

  
نِقاشٌ “هادئ” لتصريحات الأمير بندر بن سلطان..
بقلم/ عبدالباري عطوان
نشر منذ: 3 سنوات و 6 أشهر و 15 يوماً
الإثنين 12 أكتوبر-تشرين الأول 2020 11:10 م


 

جميلٌ أن يُصدِر الأمير بندر بن سلطان، مُستشار الأمن القومي والسّفير السّعودي السّابق، “توضيحًا” لما ورد في مُقابلته التي بثّتها قناة “العربيّة” السعوديّة في ثلاثِ حلقاتٍ يُؤكّد فيه على احتِرامه، وتقديره، للشّعب الفِلسطيني، مُكرِّرًا في تغريدةٍ نشرها على موقعه الرسميّ على “التويتر” أنّ هذا الشّعب هو المُتضرّر الأوّل من سِياسات قِيادته، ولكنّنا لا نعتقد أنّ هذا التّوضيح، على أهميّته، سيُقلِّل من حجم الضّرر الكبير الذي لَحِقَ بالمملكة العربيّة السعوديّة ومكانتها وسُمعتها، من جرّاء هذه المُقابلة، من حيث مضمونها وتوقيتها في الوقتِ نفسه، وليس هذا الشّعب الضحيّة من جرّاء سِياسة قِيادته، أو جرائم العدوّ الإسرائيليّ واحتِلاله.

لا نُجادل مُطلقًا في كلّ كلمةٍ قالها الأمير بندر حول فشل القِيادة الفِلسطينيّة، الحاليّة أو السّابقة، في إدارة الشّؤون الفِلسطينيّة، وتحرير الأراضي الفِلسطينيّة العربيّة والإسلاميّة المحتلّة، ومُقدّساتها، وربّما عبّر بمِثل هذا الانتِقاد عمّا يجول في صدرِ مُعظم الفِلسطينيين، إنْ لم يَكُن كلّهم، ولكنّه لم يَعكِس طِوال الحلقات الثّلاث، أيّ بدائل وطنيّة، أيّ ضرورة وجود قِيادة فِلسطينيّة بديلة تُلغي اتّفاقات أوسلو “أمّ الكبائر”، وتُنهي التّنسيق الأمني، وتسحب الاعتِراف بالكِيان الصّهيوني، وتعود إلى خطّ المُقاومة، حتّى يكون انتِقاده مَوضوعيًّا، ومُقنِعًا، وخالٍ من الشّبهات.

***
غضَب الأمير بندر على القِيادة الفِلسطينيّة، مِثلَما قال في الحلقة الأولى من المُقابلة، جاء بسبب ردّ فِعل هذه القِيادة على اتّفاقيّ “السّلام” الإماراتي والبحريني، ووصفها لهما بأنّهما خِيانة وطعنة مسمومة في الظّهر، ولو أنّ هذه القِيادة أيّدت هذين الاتّفاقين لكانت أفضل قيادة في تاريخ الشّعب الفِلسطيني، وتخدم قضيّتهم العادلة، واعتِبارها الأكثر كفاءةً لقِيادتهم إلى هدف تحرير جميع أراضيهم المُحتلّة.

اللّافت أنّ هذه القِيادة، ونحن من أبرز مُعارضيها، لم تتلفّظ بكلمةٍ سيّئةٍ واحدةٍ على المملكة، لا قبل مُقابلة الأمير بندر ولا بعدها، وباستِثناء تعليقٍ من سطرين للدكتور صائب عريقات، وليس للرئيس محمود عبّاس، قال فيه، ودون أن يُسمّي المملكة، أنّ من أرادَ أن يُطبّع فليفعل ودون الهُجوم على الشّعب الفِلسطيني، ومن هُنا فإنّ السّؤال الأكثر أهميّةً هو عن أسباب هذا الهُجوم على هذه القِيادة ومن “أميرٍ مُتقاعد”؟ فلو كان من أمين عام مجلس التعاون الخليجي مثلًا، لكان الأمر مفهومًا، ولكنّه يظل غير مقبول في الوقتِ نفسه، لأنّ هُناك دُولًا خليجيّةً مِثل الكويت تُعارض التّطبيع بأشكالِه كافّةً، وتعتبره خيانة.

من الواضح أنّ غضبة الأمير بندر والجناح الدّاعم لخطّه في الأسرة الحاكمة السعوديّة، وهو ربّما أقليّة، جاءت أيضًا بسبب عقد لقاء مُصالحة فِلسطيني، بين حركتيّ “فتح” و”حماس” في بيروت، وبعد ذلك في إسطنبول، وعبّر عن هذا الغضب بقوله “إنّهم يعتقدون أنّ تركيا التي تحتل ليبيا، وإيران وحزب الله اللّذين يدعمان الحوثيين في اليمن، سيُحرّرون فِلسطين والقدس المحتلّة، ونحن نسأل الأمير بندر، وبكُل هُدوء، لماذا لم تستضف الرياض هذا الاجتِماع مثلًا؟ ولماذا ذهب الفِلسطينيّون إلى هاتَين العاصِمَتين دون غيرهما؟

فإذا كانت تركيا احتلّت ليبيا فإنّ من سَهّل لها هذا الاحتِلال هو المملكة العربيّة السعوديّة والدول الخليجيّة الأُخرى، التي هيمنت على القرار العربي، والجامعة العربيّة، وشرّعت تدخّل حِلف “النّاتو” لتدمير ليبيا، وقتل الآلاف من أبنائها، وحوّلها إلى دولةٍ فاشلةٍ تَسودها الفوضى والميلشيات المسلّحة الخارجة عن القانون، ثمّ تِكرار السّيناريو نفسه في ليبيا واليمن.

أمّا إذا تحدّثنا عن إيران فإنّ من عبّد لها الطّريق لدَعمِ حركة “أنصار الله” الحوثيّة وحُلفائها فهو “عاصفة الحزم” قبل سِت سنوات التي أدّت إلى مقتل وإصابة مِئات الآلاف من اليمنيين، وربّما يُفيد التّذكير بأنّ صُمود قِطاع غزّة، والمُقاومة الباسلة على أرضه في أربع حُروب إسرائيليّة في السّنوات السّبع الماضية، وتحقيق جُزءٍ كبير من “ميزان الرّدع” مع دولة الاحتِلال هو الصّواريخ الإيرانيّة، سواءً المُهرّبة أو المُصنّعة محليًّا في أنفاقٍ تحت الأرض، وهل عرضت المملكة السّلاح الأكثر تَطوّرًا على هؤلاء وقالوا “لا” وفضّلوا الذّهاب إلى إيران و”حزب الله”؟

تصريحات الأمير بندر المُفاجئة والصّادمة، التي وردت في مُقابلته تأتي في سياقِ رغبة الجناح الحاكِم في المملكة في السّير على نهجِ الإمارات والبحرين، وهو النّهج الذي بدأ قبل خمس سنوات تقريبًا، وبلغ ذروته في الهجمة الشّرسة والمدروسة من بعض الإعلاميين والكتّاب السّعوديين ضدّ أبناء الشّعب الفِلسطيني، واللّقاءات التطبيعيّة التي بَدأها الأمير تركي الفيصل سلَف الأمير بندر في جهاز المُخابرات مع المَسؤولين الإسرائيليين في واشنطن وعواصم أوروبيّة، وكانت الفتاوى التي أصدرها الشيخ عبد الرحمن السديس، إمام الحرم الشريف، وحثّ فيها الشّعوب العربيّة والإسلاميّة إلى وقفِ الحمَلات ضدّ اليهود، وحثّهم على التّطبيع معهم، ويقصد هُنا المُحتلّين لفِلسطين، وضرب مثَلًا كيف أنّ الرسول “صلى الله عليه وسلم” توفّى ودرعه مَرهونةٌ عند يهودي، وينسى الشيخ المُوقّر، والمُوحى له من السّلطة، أنّ هذا اليهودي لم يَكُن يحتلّ فِلسطين، والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وتقتل عصاباته مِئات الآلاف من العرب والفِلسطينيين في الأراضي المُحتلّة ولبنان وسورية ومِصر والأردن.

ما لا يُدركه الأمير بندر، أو الجناح الدّاعم للتّطبيع وصفقة القرن، أنّ السعوديّة ليست الإمارات أو البحرين أو حتّى مِصر، لأنّ قرار التّطبيع، في حالتها ليس قرارًا “سِياديًّا” لأنّها تستمد شرعيّتها، وحدتها ومكانتها، ليس من ثرواتها النفطيّة الضّخمة، وإنّما من رعايتها للحرمين الشريفين في مكّة والمدينة، والتّطبيع يعني نهاية، أو سُقوط، هذه الرّعاية، وسحب هذه الشرعيّة المُشرّفة والفريدة من نَوعِها.

المملكة لا تستطيع، بل ولا يَجِب، أن تفصل بين مصالحها كدولة والمصالح العربيّة والإسلاميّة، للأسبابِ الآنفة ذكرها، وحثّ الأمير بندر في الحلقة الأخيرة من المُقابلة على هذا الفصل خطأ استراتيجيّ كبير في رأينا والكثيرين مِثلنا، نقول هذا الكلام من مُنطلق الحِرص، فالشّعب السّعودي مِثل كُل الشّعوب الشّقيقة الأُخرى، شعب عربيّ مُسلم ووطنيّ، ويُشكّل بمثابة الأهل بالنّسبة إلينا، ويهمّنا أمنه واستِقراره ورخاءه.

***
خِتامًا نسأل الأمير بندر سُؤالًا أخيرًا وهو: نحن نَفصِل بين القِيادة الفِلسطينيّة وشعبها.. هل يسمح لنا، أو لأيّ مُواطن سعودي أن يفصل بين القِيادة السعوديّة وشعبها، وبِما يُعطي الحقّ له للتّطاول على هذه القِيادة بالطّريقة التي تَطاول فيها على القِيادة الفِلسطينيّة، ومن مَوقعِ المسؤوليّة كعُضوٍ بارزٍ في الأُسرة الحاكمة؟

أخيرًا، هل يسمح الأمير بندر لأحد أنْ ينتقد القرار الكارثي الذي اتّخذته قِيادته بخوض حرب اليمن، أو إهدار ثرَوات الأجيال الحاليّة القادمة في هذه الحرب، وشِراء رِضاء رئيس أمريكي بلطجي عُنصري كارِهٌ للعرب والمُسلمين، اسمه دونالد ترامب، وإنفاق مِئات المِليارات من الدّولارات على صفَقات أسلحة لم “تُحَرِّر” صعدة البعيدة بضعة كيلومترات عن الحُدود الجنوبيّة السعوديّة، ناهِيك عن صنعاء؟

القِيادة الفِلسطينيّة فاشِلةٌ، بل مُغرِقةٌ في الفشَل، ونتمنّى عليك يا سمو الأمير أنْ تُحدّثنا عن نجاحاتِ قِيادتكم.. واللُه المُستعان.

* المصدر : رأي اليوم

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
عبدالرحمن العابد
ضربة يمنية قوية للكيان
عبدالرحمن العابد
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
مالك المداني
عقدة النقص!
مالك المداني
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
إسماعيل المحاقري
غزّة تواجه العالم ومحور الجهاد يساند
إسماعيل المحاقري
مقالات ضدّ العدوان
عبدالفتاح علي البنوس
الرئيس الحمدي .. النجم الذي أفل
عبدالفتاح علي البنوس
عبدالعزيز البغدادي
الثورة والفرص الضائعة لبناء الدولة العادلة!
عبدالعزيز البغدادي
محمد طاهر أنعم
بريطانيا أصل الشر
محمد طاهر أنعم
طالب الحسني
السفير السعودي ينوب عن “رئاسة”و“حكومة” هادي في الرياض
طالب الحسني
حمدي دوبلة
ثورة أكتوبر .. دلالات ورسائل
حمدي دوبلة
يحيى اليازلي
معاقل المعرفة وقباب التجديد في اليمن
يحيى اليازلي
المزيد