الكثيرُ من المؤسّسات في واشنطن تعلنُ دائماً عن وجود “الأُمَّةِ الأمريكية”، كأمةٍ مؤمنة مثابرة موحَّدة، ولها كُـلُّ مواصفات الأُمَّــة، ولهذا فَـإنَّها تتحَرّك عبر سياسَتِها الخارجية ضمن مشروع معين ركيزته الأَسَاسية تمزيق الشعوب وتفتيتها والسيطرة على كُـلّ مقوماتها، ليضمن لها استمرار الهيمنة على العالم.
لقد وقعت الأُمَّــة الإسلامية طيلة سنوات كثيرة فريسةً للأطماع الأمريكية، وتلقت الضربات تلو الضربات حتى أصبحت أُمَّـة ضعيفةً هشة وممزقة لا حول لها ولا قوة في أية مواجهة مع الأُمَّــة الأمريكية، وتحقّقت بالتالي أهدافُ المشروع الأمريكي الرامية إلى الهيمنة على منطقتنا، وتحويلنا إلى تابعين وخانعين، ينفذ حكامنا الأوامر الأمريكية بحذافيرها دون اعتراض أَو نقاش.
ومن الأساليب القذرة التي لجأت إليها واشنطن لتحقيق أهدافها، هو الاستمرارُ في الدعم السخي للكيان الصهيوني، ليمارس دوره في خلخلة أي تقارب عربي عربي، والقضاء على الوحدة العربية، ثم أوجدت واشنطن بعد ذلك العناصر الإجرامية التكفيرية المسماة داعش والقاعدة، لتكون يدُها التي تبطش بها الشعوب وترعبهم وتشوّه دينهم وحضارتهم، ومن هنا تحقّق لواشنطن كُـلُّ ما تريد، فأصبحنا ندور في فلكها نرجو منها الرحمة ونتودد لها بأن تخفف من بطشها علينا.
وإزاء هذا الواقع المزر لأمتنا، كان الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي يدرك جيِّدًا حجمَ المخاطر التي تهدّد أمتنا جراء سكوتها وخضوعها وانبطاحها للأمريكيين، فأراد أن يصحِّحَ هذا الاعوجاج، فجاء بالمشروع القرآني، داعياً الناس إلى الاعتصامِ بحبل الله المتين، وعدم التفرق، وأن تكونَ كلمتُنا واحدة، ومشروعنا واحداً، وقيادتنا واحدةً، وأن نكون أُمَّـةً واحدةً، وبعدها نتحَرّك في مواجهة مشاريع التمزيق والتفرقة ولو بالإمْكَانات البسيطة، ولو بصرخة يرتفع معها منسوب السخط الشعبي العارم ضد أمريكا ومخطّطاتها القذرة وحينها سندرك فاعليتها وأثرها في الميدان.
وفي ظل الارتخاء العربي لأمتنا تغيب مثل هذه المشاريع، ليظلَّ مشروعُ الشهيد القائد هو الأنجعَ، وهو الأكثر تأثيراً ورعباً للأمريكيين، ولهذا رأينا كيف تمت محاربته عسكريًّا وإعلاميًّا وثقافيًّا ودينيا، حتى وصل الأمر بالأمريكيين إلى شن عدوان عسكري غاشم، ولولا تشبع الناس بالثقافة القرآنية لما صمدنا للعالم السابع على التوالي أمام أعتى آلة عسكرية في العالم.
إن المشروع الأمريكي يريدنا أن نكون أذلاءً صاغرين أمام واشنطن وحلفائها، في حين أن المشروع القرآني يريدنا أن نكون أعزاءً شامخين أمام الهيمنة الأمريكية.
مشروع الثقافة القرآنية يريدنا أن نكون موحدين أقوياء لنا مكانتنا بين الأمم، لا تفرقنا الحزبية والمذهبية والمناطقية، بعكس المشروع الأمريكي تماماً، ولهذا أصبحنا بين خيارين إما الاستمرار في الخضوع والذل والانبطاح للمشروع الأمريكي، أَو الالتفاف حول المشروع القرآني الذي يريد لنا العزة والكرامة والسمو.