من جديد خرجت جماهير الشعب بالملايين كما خرجت عشرات ومئات المرات طوال العامين الماضيين وبحشود هائلة لم تألفها المنطقة من قبل وهتفت بأعلى صوتها منددة بالعدوان والحصار ومؤكدة الصمود والتحدي ومخاطبة هذا العالم الأعمى والأصم عن مشاهدة وسماع أي شىء ليس له علاقة بالمال والمصالح والصفقات.
لم يكن مفاجئا لكل من عرف اليمن وأهله أن يحتشد الناس بهذه الأعداد الكبيرة في ميدان السبعين أمس الأول في ذكرى مرور عامين من الصمود اليماني أمام هجمة كونية شرسة غير مسبوقة على اليمن أرضا وإنسانا تحت مبررات وحجج واهية مافتئت الجماهير العريضة تفندها وتكشف زيفها في كل مناسبة ومحفل وبكل اللغات والوسائل المتاحة لكن بريق المال خطف الأبصار وأعمى الأفئدة وختم بدنسه على قلوب العالمين.
الشعب اليمني لم يُقَصًر أبدا رغم معاناته الإنسانية المتفاقمة وخاض وما يزال يخوض غمار التحدي بكبرياء وشموخ وأفشل بوعيه العميق كل المخططات والدسائس وجعل من معاناته التي راهن عليها الأعداء كثيرا في سبيل إخضاعه وكسر إرادته وسيلة أخرى تمُدُه بمزيد من الصبر والجلد في تحمل أعباء الحياة وشظف العيش والتمسك بحق الحياة دون التفريط ولو بمقدار أنملة في كرامته وسيادة وطنه ولم يألُ هذا الشعب العظيم جهدا في إيصال صوته إلى العالم للتعريف بقضيته العادلة وتقديم مظلوميته في أوضح الصور والمشاهد لكن المشكلة أيها السادة وأعني هنا السياسيين وأصحاب القرار الوطني بأنكم لاتزالون حتى بعد بدء العام الثالث من العدوان الغاشم تراهنون على المجتمع الدولي وتتعاملون معه وكأنه لا يعلم شيئا بعد وانه لازال بحاجة إلى من يسمعه صوت الشعب اليمني ويفسر له طبيعة وخفايا ما يتعرض له من مجازر وحشية وجرائم إبادة جماعية وانتهاكات صارخة لكل القوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والتي نُفذت ولاتزال تنفذ يوميا على مرأى مسمع من هذا العالم الذي نحاول جاهدين لإيصال صوتنا إليه وهو الغارق حتى أذنيه في مستنقع الجرائم السعودية بحق الأبرياء من أبناء الشعب اليمني ومقومات حياته.
وإذا كان لنا من رسالة ونحن نعيش الأيام الأولى من العام الثالث للعدوان فإننا لا نوجهها إلى الخارج بل إلى اليمنيين حكومة وشعبا ومجاهدين في جبهات الشرف والبطولة ونقول فيها فلنكن مع الله حتى يكون الله معنا وينصرنا على الأعداء المعتدين وأن نغسل أيدينا تماما من مواقف المجتمع الدولي ولنثق تماما بان النصر من عند الله وحده وهو سبحانه لن يُمًن علينا بهذا النصر مادام فينا من لا زال يراهن ولو بشىء يسير على سواه فهذا وعد الله لعباده المؤمنين ومن اصدق من الله قيلا “ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله.