هل لأني كنتُ طفلة حينها،أم أنه كان شعور الكبار أيضاً؟
تلك الفرحة التي كانت تنتابني عندما كنت أشاهد على التلفاز قمة لجامعة الدول العربية.!
آهٍ.. كم القهر.؟ كم كنت أشعر بالفخر..!
كانت المعاني التي أشعر بها أكبر من سني آنذاك..
كان الكبار يتابعونها باهتمامٍ بالغ.. ربما ليس في بلدي فقط بل على مستوى الأمة العربية الواحدة.. الواعدة.. ذلك الحلم الجميل.. ليتني لم أُفِق منه لِأرى بعينيّ ما آراه الآن في كل شبرٍ فيها...
توالت السنوات كما توالت الصدمات.. لم يعُد ذلك الاهتمام موجوداً عند الكثيرين..
لقد أصبح التمييع هو المآل الوحيد المؤمنين به لكل تلك القمم والإجتماعات والقرارات..
ربما فقط الصورة الفوتوغرافية التي ستجمع أصحاب المعالي والفخامة والسمو في نهاية القمة هي التي ستختزل الكثير من بؤسهم وتَعاستهم وفشلهم،مهما حاولوا أن يُجمِلوها بابتسامات باهتة ومزيفة..
أعرف جيداً أن المواطن العربي لم يكُن يهفو إليها إلا لتعطُشُه للكرامة والعزة التي غابت عنهُ كثيراً.. كان يعتقد أن النخوة العربية هي الفطرة الطبيعية التي تجري في دماء أولئك الملوك والزعماء.. لكنه لم يكن يعرف بعد أنها لم تجد سبيلاً إلى أنفسهم التي تعاكس كل معاني الفطرة السوية التي جبل الله الناس عليها قبل أن يعرف كما هو الحال اليوم ما هو أسوأ من ذلك بكثير..
لقد استيقظت الأمة العربية من ذلك الحلم الجميل على كابوس مفزع.. فالمؤتمرات لم تكن سوى مؤامرات.!
والقمِة لم تكن سوى غُمة لا تزال جاثمة على صدر الأمة العربية والإسلامية تُعيقها من تنفس العزة والحرية وتَحول بينها وبين ما ترمو إليه شعوبها من الكرامة..
من يُصدِق أنها لم تعد عربية.. بل عِبرية..!
كم كنّا مخطئون عندما كنّا نعتقد أن اللاشيء هو النتيجة الحتمية لتلك المؤامرات.. لأنه كانت هناك عدة أشياء وفي غاية الأهمية لها.. منها كيف تحمي الدولة العبرية.. وكيف تُحيد القضية الفلسطينية.!
كيف تمنع أي شيء من شأنه أن يكون مناوئاً أو مناهضاً لوجود الكيان الصهيوني.؟
كيف تنفذ المخططات الأمريكية بدهاء وخفية دون أن يشعر أحد وأن تُضفي عليها الشرعية العربية والإسلامية.؟
كيف تحافظ على وضع الأمة على ما هي عليه من انحطاط وتخلف وأن تقف حاجزاً منيعاً أمام كل ما من شأنه رفعتها وكرامتها..!
والأهم من هذا كله كيف تتصدى لمحور المقاومة في الوطن العربي والإسلامي، وكيف تُجرِمه.؟
نعم.. هذه هي أولويات ومهام جامعة الدولة العِبرية..
أكتبها وقلبي يقطُر دما.. كلمة( الدولة).. فهي لم تَعُد كياناً غاصباً مُحتلاً.. لأن أصحاب الفخامة والسمو وفي آخر غُمة ناموا فيها.. عفوا.. أقصد اجتمعوا فيها يناقشون محوراً أساسيا لهم.. وهو حل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية.. بل ذهب زعيم مصر الكنانة إلى ما هو أبعد من ذلك.. أن يتم نزع السلاح من الدولة الفلسطينية وفرض مراقبة أُممية عليها.!
أما الدولة الإسرائيلية فهم يرون أن تقوم أمريكا بإلزامها بالموافقة على المبادرة العربية للخزي والاستسلام.!
وفي ظل هكذا غمة عبرية حقَّ لنا أن نتساءل أين سوريا، أين العراق، أين ليبيا،.....، أين اليمن.. اليوم؟؟
بعد تغييب القضية الفلسطينية لسنوات طويلة وبعد ست سنوات من حرب كونية وتآمر عالمي على بلاد الشام الغالية.. على العراق الحبيبة.. على ليبيا وليس آخيراً على اليمن..
أين كانت هذه الغُمة من كل هذا.؟
ما هي مبادراتها وقراراتها؟
هل لديها ضعف في المادة والإمكانات؟
أم أنها سخرت كل ما تملك من مليارات البترودولار ومن ماكينة إعلامية ضخمة في تدمير بلدان عربية وإسلامية بأكملها وفي قتل وتشريد الآلاف والآلاف من أبناء هذه الدول وفي تزييف الحقائق وتشويهها والتشويش عليها وطمس معالم الحق..
والأهم من ذلك هو تنفيذ المخططات الإستعمارية والتي أهمها هو إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط كما تريده أمريكا وبما يحمي إسرائيل ويعطيها المجال الواسع في خضم كل هذه الأحداث أن تتحرك كيفما تريد وبما يحلو لها وأن يتم غض الطرف عن كل ذلك..
وتأتي هذه الغُمة اليوم بوجه سافر أكثر قُبحاً من ذي قبل وكأنها عاهرة تتحدث عن الشرف.!
لم تخرج حتى بإدانة عن كل ما حصل ويحصل في اليمن من قتل ودمار ومحاولة فرض التشطر والاستعمار وهو ما بدأت ملامحه في جنوب اليمن..
ولكن قرارها بخصوص ما يتعلق باليمن هو المزيد من مساندة التحالف في إعادة شرعية من لا شرعية له، هادي في اليمن وتنفيذ مجلس قرار الأمن رقم 2216 عام 2015م
وما نملك أن نقوله لها.. رغم كل العمالة والتواطؤ والإنحطاط هل استطعتي أن تهزمي محور المقاومة في جنوب لبنان ضد الكيان الصهيوني الغاصب وأياديه الصهيونية والأمريكية في سوريا أو العراق، رغم كل المحاولات البائسة، النصر لمن اليوم في الموصل وفي بلاد الشام، وفي اليمن الذي انتصر وأبدى كل هذا الصمود أمام هكذا تآمر وترسانة عسكرية وإعلامية.!
إن القرارات التي خرجت بها الغمة العبرية صهيوأمريكية بإمتياز ونجزم يقينا أنها كانت مكتوبة أمريكيا ومختومة بالنجمة السداسية الإسرائيلية قبل عقد مسرحية الغمة التي سقط فيها البعض ونام فيها آخرون من زعماء العمالة والجهالة ليضفوا عليها الطابع العربي والإسلامي والذين هم بعيدون عنه بعد السماوات عن الأرض،وهم خاسرون و واهمون وسيخسروا بعمالتهم وارتهانهم للخارج وبيعهم لقضايا الأمة وقضايا شعوبهم الذين ينطقون بفمه ويدّعون تبرأهم منه أو أن يكون له قرار عليهم والقرار كله منه وبيده..
بل إنهم في حالة من التنافس من يكون أكثر في الولاء لأمريكا ويكون أكثر عمالة وانحطاط ويقدم لها خدمات أكبر مبنية على مزيد من الإنحطاط والتنازل عن كل القيم علّه يفوز برضاها والقرب منها أكثر ليكون له شرف أن يكون يدها الأولى في تنفيذ مخططاتها في المنطقة.
إننا نرى أن قرار الغمة العبرية بحق بلد العروبة والأصالة لا نرى فيه أي ملامح بغية التهدئة وحل الأزمة، وما هو إلا استمرار في التصعيد ضد وطن العروبة الأول وشعبها المسلم المسالم عن طريق الإستمرار في استخدام شماعة شرعية هادي بهدف الإستمرار في الإعتداء عليه والتي لم يعد يخفى على أحد في العالم زيفها وفشلها في الوقت ذاته، ورغبة وإصرار على إذلال الشعب اليمني وإركاعه وتعريضه للغزو والاستعمار من قبل دول الجوار والاستكبار من خلال تبني تنفيذ قرار مجلس الأمم المتحدة رقم2216 عام 2015م الجائر والمتعدي للحقوق والحريات المتعارف عليها إنسانياً وأُممياً وأنه ليس أمام الشعب اليمني العظيم سوى المزيد من الصمود ورص الصفوف والتحشيد على جميع المستويات وفي مختلف المجالات لمواجهة هذا الصلف العالمي والتآمر الأممي والتصدي له..
وأن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى والمركزية للأمة مهما حاولوا طمس ذلك أو حرف البوصلة عنها،وإن باعوها فسنستردها ومستحيل أن يتخلى عنها شرفاء وأحرار العالم العربي والإسلامي وأن المقاومة بكافة الوسائل وفي مختلف المجالات هي الخيار الوحيد والسبيل الأوحد للشعوب العربية والإسلامية لنيل الاستقلال والكرامة..