قصة الشهيد هشام الشامي الذي صمد أمام أذناب العدو واستشهد مدافعا عن وطنه وهامته تطاول السحب
كم رواية ستستلهم مواقف بطولة الشهيد وتحكي لأجيال، بأن الهامات الشامخة، لن يكسرها العدوان مهما تمادى في صلفه وهمجيته.
الشهيد.. كان جسده يمشي على الأرض لكن روحه كانت تزداد رفعةً وعلواً كل يوم حتى طالت أكثر فعانقت السماء..
في مسيرة الحب والعطاء نتناول قصة من قصص الخالدين الأوفياء.. حتى نستلهم منها أجمل المعاني والعبر.. ونستمد منها رفعةً وضياء..
إنَّ المتأمل في حياة الشهيد العظيم هشام عبدالملك الشامي ومسيرته النضالية يستطيع أن يلحظ عظمة هذه الشخصية ويقتبس منها العديد من الجوانب الإيمانية والقيم الإنسانية النبيلة..
كان الشهيد الشامي يمتلك العديد من المهارات الفنية والمهنية كالنحت والخط وهندسة وصيانة التلفونات والتي كانت من أحب الأعمال إليه وغيرها الكثير… وكما تقول والدته كان يتقن العديد من الأعمال لكنه أحب المكان الذي هو فيه..
فيا تُرى ما هو هذا المكان الذي أحبه هشام لهذه الدرجة والذي طغى حبه في قلبه على كل ما سواه.؟ فإلى التالي:
كان هشام الشامي يمتلك العديد من المهارات الفنية والمهنية كالنحت والخط وهندسة وصيانة التلفونات والتي كانت من أحب الأعمال إليه وغيرها الكثير… وكما تقول والدته كان يتقن العديد من الأعمال لكنه أحب المكان الذي هو فيه..
فيا تُرى ما هو هذا المكان الذي أحبه هشام لهذه الدرجة والذي طغى حبه في قلبه على كل ما سواه.؟
هشام مجاهد من الطراز الرفيع لا يرى نفسه إلا في مقدمة الصفوف مقتحماً للمخاطر ومصارعاً للخطوب..
كانت بداية هشام مع هذا الطريق الجهادي في ساحات الشباب في ثورة 2011 منطلقاً فيه بكل قوته بعد ذلك.. وباذلاً لأجله وقته وجهده وروحه إذا لزم الأمر..
مواقف للشهيد
كان الشهيد البطل من السباقين والمشاركين في كل الجبهات والأعمال الجهادية وبإنطلاقة قوية جدا حريصا على ألّا يفوته شيئاً منها..
فإذا كان المولد النبوي الشريف رأيته يجهز الزينة ويزين الشوارع ويكتب المخطوطات الجميلة.. وإن كان معرضاً وجدته ينحت صور الشهداء بنفسه وغيرها من الأعمال فهو متعدد المواهب والمهارات.. وفي ساحات الوغى وميادين الشرف والبطولة فلا يرضى إلا بأن تكون له قدم السبق.. كأنّي به هناك في ثورة 21 من سبتمبر يقوم ومن معه من المجاهدين العظماء بإقتحام فرقة الطاغية الفار علي محسن الأحمر ليُسقِطوا بذلك أكبر وكر للظلم والاضطهاد ظل جاثما لسنوات طويلة على صدر هذا الشعب ومتسلطاً على رقاب أبناءه..
أقوانا وأشجعنا
وستجده في دماج والضالع ويريم ومأرب وكل جبهة من وطنه الغالي يستطيع الوصول إليها بروحه قبل جسده رافعاً لراية الحق والوطن فيها ومنكلاً بالأعداء ..
فقد كان أصدقاءه يقولون على الرغم من أن هشام يبدو نحيلاً في جسده إلا أنه كان أقوانا وأشجعنا في المواجهات وقد كنا نستمد قوتنا بعد الله من قوة بأسه واستبساله في المواجهات..
وإذا تناولنا قصة من قصص الشهيد التي تدل على مدى شموخ وعظمة شخصيته الجهادية الإيمانية القيادية التي يستمد منها الأفراد بل والمجتمع ككل الكثير من المعاني والعبر بل ويقف في ذهول واحترام أمام شخصية بهذا الحجم من الأمانة والإيمان جديرة بتحقيق النصر الإلهي بما تحمله من معانٍ سامية..
فذات مرة عندما كان في أحد بيوت المجرمين الفارين ضاعت إحدى الأحذية لأحد المرافقين فقام بأخذ حذاء الحمام ورجع إلى بيته فما كان من هشام بعد أن عرف ذلك إلا أن لحقه إلى منزله وقام بإعادة ذلك الحذاء قائلا أنه لا يقدر أن يتحمل شيء من أشياء سبيل الله وأنها أمانة في ذمته مهما كانت بسيطة لكي لا يلوث عمله الجهادي العظيم أي شيء وقد كان حريصاً كل الحرص على ذلك..
حاجتي عند الله
هو نفسه من أوصى بأن يتم تسليم بندقيته وجعبته وعدته كاملة بعد استشهاده.. وهو أيضاً هشام المجاهد صاحب النفسية النورانية العظيمة الذي أعطى بطاقته لأهله ذات يوم قائلاً لهم: استلموا بها الراتب فيما بعد، وكأنَّ لسان حاله يقول لا حاجة لي به ولا بشيء من دنياكم فحاجتي فقط هي عند الله وحده وهو أعلم بها وقد تاقت نفسي إليها كثيراً وذابت من فرط الشوق إليها.!
كيف لا.؟ وهو من كان يملك محل اتصالات وكان يعمل مهندس صيانة تلفونات لكنه تركه على الرغم من أنه كان يحصل على المال منه.. كما ترك صنعاء بكلها.. حيث كان يقول لأهله على الرغم من وجود المال وكل شيء متوفر لي لكنني لم أكن أشعر بالسعادة والراحة النفسية التي حصلت عليها في الجهاد والإرتحال مع ربي.. وكان دائماً يردد “لقيت نفسي مع الله ولا أشعر أن الروح في صنعاء فالروح في الجبهات”.. وهذه هي الروحانية التي يشعر بها رجال الله الصادقين..
منطلقا مع الله
ولو اقتربنا أكثر من هذه الروح النورانية سنجد رجلاً مؤمنا كان منطلقا مع الله وفي الجهاد بكل جوارحه وخاصة في الفترة الأخيرة من حياته الجهادية قبل الإرتقاء إلى حياة الخلود والنعيم السرمدي..
كأنّك سترى ذلك المصحف وتلك المسبحة إلى جواره كل يوم بعد بزوغ الشمس وهو نائم.. فلم يكن ينام قبل تأدية برنامج رجال الله ويأخذ منه زاده في تقوية صلته بالله وعوناً له على الجهاد في سبيله.. وهو من كان يشعر بالمتعة الكبيرة والسعادة الغامرة وهو يجوب الأرض مسافرا في سبيل ربه وكرامة وطنه وأمته.. ولم يكن ينتقد شيئاً بل على العكس يمتدح دائما حياته الجهادية ويشرح عن السعادة التي وجدها فيها في زياراته المتباعدة لأسرته خلال مسيرته النضالية.. حتى عندما تسارع والدته لإعداد ما لذ وطاب من الطعام عند قدومه.. يخبرها بأنهم يتناولون كل شيء في الجبهة وأنه لم يشعر بلذة الطعام كما هناك..
إصلاح ذات البين
في لقاءاته القليلة مع أسرته كان يحرص دائماً على أن يوصل رسالة من كلامه وجلسته مع أسرته وألا يكون مجرد كلاماً عادياِ.. وكان كثيراً ما يتحدث عن أهمية إصلاح ذات البين..
كانت والدته تقول له: لو أنك تكون ثقافي أو إعلامي هنا أو أي عمل جهادي آخر.. لكنه كان يقول لها: “هذا أفضل الجهاد”..
شخصيه محببة
كان هشام متسامحا وحنوناً جدا وخاصة مع والدته.. وقد استطاع بسلوكه الإيماني العظيم أن يحدث نقلة تغيير كبيرة ليس فقط في أسرته بل وفي أهله جميعاً حتى أولائك البعيدين منهم ومن خلاله تعرفوا أكثر على مسيرة الكرامة والجهاد..
و بشخصيته المحببة والمرحة أحبه الجميع حتى أنه بعد استشهاده قال والد صديقه تمنيت لو أنك أنت من استشهدت يا بني وليس هشام.
140 ألف دين
وبعد استشهاده أيضا اكتشف أصدقاءه أن عليه دَين بمبلغ مائة وأربعون ألف ريال من أحد المخابز في إحدى المناطق قريباً من أماكن المواجهة مع المنافقين من المرتزقة والعملاء حيث كان يستدين
الخبز على حسابه الشخصي حتى لا يتأخر الإمداد عن المجاهدين واكتشفوا هذا الأمر بعد ذلك…
إنَّ الحديث عن مواقف وبطولات العظماء لا تنتهي.. لكن.. لا بد من التوقف عند بعض المحطات لنسمو بأنفسنا بعظمة تلك الأرواح وسموها.. وكما أن حياتهم تكون استثنائية فإن رحيلهم يكون رحيل يليق بعظمة تلك الهامات التي تقهر المستحيل وتعانق بشموخها عنان السماء..
الآلي والعطر
تقول شقيقة مجاهدنا العظيم بعد عيد عرفة بما يقارب الأسبوع كان هشام في زيارة قصيرة كعادته لكنه هذه المرة كان على عجلة شديدة من أمره قام بأخذ الآلي والعطر حيث كان يحب العطور جداً والكاميرا وبعض الملابس..
من شدة عجلته تلك الليلة وكأنَّ هناك شيء ينتظره ويناديه والنور يشع من وجهه فعرفت أنه لن يرجع..!
شواهد
في جبهة مأرب وبتاريخ 6_10_2015 كانت طائرات الأباتشي كعادتها في مواجهة مع البندقية التي لم ولن تتمكن من التغلب عليها لأن من يحملون تلك البنادق أشد قوةً وشموخا من الجبال الشواهق..
كانت الطائرات تقصف المنطقة بشكل قوي وعنيف وكان مجاهدنا البطل يقوم بإسعاف الجرحى حتى تعب تعباً شديداً ولم يستطع أن يتناول القات أو يجلس مع أصدقاءه وأخوته المجاهدين حيث وقد كان المشرف عليهم..!
وفي اليوم التالي بتاريخ 7_10_2015 استمر القصف العنيف من الأباتشي التي كانت تقوم بعملية تمشيط للمنطقة.. لكن هشام بثقته القوية بالله وبنفسيته الإيمانية العالية كان يقوم بطمأنة أصدقاءه المجاهدين ويقول لهم أن ينبطحوا في حالة وجود قصف عنيف أما إذا اشتد القصف فإن شاء الله كلنا نلتقي عند أرحم الراحمين عرسان..
الفارس العظيم
فكيف لمثل هشام أن يخاف أو يجزع مما كان يشتاق إليه ويطمع.؟
وها هي اللحظة التي كان يتمناها ويبحث عنها طويلاً.. فقد أصيب صديقه المجاهد وبينما هو يهم بإسعافه إذا بالقصف يطولهما الإثنين معاً ويصاب الفارس العظيم إصابة شديدة.. وأثناء إسعافه كان ينام في حضن صاحبه.. فسأله :هل تريد شيئا ؟ هل تحتاج شيء يا هشام؟
فأجاب هشام :سبِّح.. سبِّح..فعلاً من عاش على شيء بُعِث عليه.. وهكذا ترتقي روحه العطرة إلى بارئها وإلى جنّات النعيم المقيم فرحة مستبشرة.. وهو من كان دائماً فرحاً مستبشراً بجهاده وبنصرٍ وفتحٍ قريب..
استهداف أول بارجة
وببركة تلك الدماء الزاكية تتطهر الأرض وتحصل المعجزات؛ حيث أنه في نفس اليوم الذي ارتقى المجاهد المخلص هشام الشامي وعدد كبير من رفاقه المجاهدين شهداء كرماء.. تم استهداف أول بارجة في البحر آنذاك من قبل أبطال الجيش واللجان الشعبية ..
إلى الجهاد
تقول أخته فاطمة:هنيئا لكل شهيد مجالسة الأنبياء والأولياء شرف عظيم وإن شاء الله يلحقنا بعدهم صالحين..
وتردف قائلة: أنصح كل أم وأخت وزوجة أن تدفع بإبنها وبأخوها وبزوجها إلى الجهاد لأنه استثمار للحياة واستثمار للموت في سبيل الله وهو واجب وإذا لم نتحرك الآن فمتى سوف نتحرك؟
أما والدته فتقول_الله يرضى عليه وعلى والديه ويحسن إليه رب العالمين لأن احنا كلنا راضيين عليه..
وتضيف.. كنت دائما اقول لهم في البيت_الولد هذا ثاني، الولد هذا له شأن عظيم منذ لا يزال طفلا وتذكرنا هذه الكلمات بعد استشهاده…
تواصل والدة الشهيد كلامها وتقول:أنصح كل أم ألا تصد ابنها عن الجهاد في سبيل الله..
و تقول شقيقته الصغرى:الشهادة في سبيل الله عزة وكرامة..