وأنا أحضُرُ من على منصة السبعين وقائعَ العرض العسكري والأمني والشبابي المهيب، والذي يأتي في ظل الاحتفال بمناسبة تاسع أعوام الثورة السبتمبرية، كانت تتملَّكُني عَبَراتُ العاطفة الجياشة، وَتتزاحم في مخيِّلتي عباراتُ الدهشة وأنا أحلق بين الحاضر والماضي، وأحاول جاهداً أن أنجحَ في اختزال عَقدٍ من الزمن عشناه بكل تفاصيله، كيف كان وإلى أين مضى، وجديرٌ بنا أَلَّا ننسى في هيبة المشهد هذه المقارناتِ، وأَلَّا نهمل أَو نتغاضى خلفياته.
أقول ذلك وَلدي يقينٌ أن هذه التحوُّلاتِ في المسارات العسكرية والسياسية ليست مفاجئةً أَو خارقةً للعادات، وإنما هي نتاجٌ طبيعيٌّ لمدخلاتها من منهجية وَرجال؛ باعتبار هذه المخرجات ما كان لها أن تكون لولا الأرضية الصُّلبةُ التي مضت عليها يمن الـ21 من سبتمبر.
أيقنتُ لحظتَها أن الشعوبَ إذَا امتلكت القيادةَ والقضية والمنهجية الصحيحة فَــإنَّها قادرة على هزيمة كُـلّ الظروف وَالمقارنات، وَكفيلةٌ بأن تغيِّر وجهَ حاضرها ومستقبلها، وتنقلَه من قماقم الضياع إلى آفاقٍ رحبة من الآمال والتطلعات.
كما أيقنتُ أن في تجربتنا قصةً أحقَّ بها أن تُروى، بعد أن تُكتَبَ بشكل عميق يحتوي كُـلَّ المسارات وما شهدته من تفاصيل، وفيها نكشفُ أسرارَ الوصفة، وبحيث نقدِّمُها كمنحةٍ لشعوب العالَم؛ لمساعدتها للخلاص.
وحتى لا يأخُذَنا الزهوُ والعُجْبُ بما شاهدناه من عديدٍ وعتادٍ وتطور نوعي في مفاصل القوة العسكرية بمختلف وحداتها، نتذكَّرُ أن هذه المعطياتِ ليست رهانات النصر، بقدر ما هي مخرجاتُ التسلح بالإيمَـان والحكمة.. هذان المعطيان الحاسمان اللذان لا يزالُ القائد يلقننا إياها في كُـلّ ظهور، وآخرها ما تجلى به عصر ذات اليوم من خلال خطاب أعاد تصويبَ البُوصلة نحو معركة أُخرى، لزم على شعبنا أن يخوض غمارها متسلحاً بما تقدم من ثقة بالله وبالقيادة التي مضت به إلى كُـلّ ما تحقّق، إصلاح مؤسّسات الدولة؛ مِن أجل الشعب الذي يكن له القائد كُـلّ المحبة والمسؤولية، ولأجل شعبه ظهر القائد مستعداً أن يتخذ الخطوات الأكثر جرأة في الإصلاح، كما كان جريئاً لأجل هذا الشعب في مواجهة عدوان عالمي، وهي المواجهة الأكبر والأصعب في تاريخ اليمن الحديث.