صحيفة “لوموند” الفرنسية: اليمن يتعرض لمؤامرة تجويع تديرها القوى الاستعمارية الكبرى
الإثنين 03 إبريل-نيسان 2017 الساعة 11 مساءً / متابعات - المراسل نت :

majaaah


ترجمة: محمد السياري| المراسل نت:

عامان انقضيا منذ اندلاع الحرب في اليمن واتساع رقعتها. وفي مقال نشر في صحيفة “لو موند” الفرنسية، دعت المديرة التنفيذية لمنظمة “العمل ضد الجوع”، فيرونيك أندرو، فرنسا وحلفائها إلى التفاني في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية بقدر الجهود المبذولة من جانبها في إبرام صفقات بيع الأسلحة.

فيرونيك أندرو|صحيفة “لوموند” الفرنسية:

مثــَل الـ 26 من مارس الجاري الذكرى السنوية الحزينة لمرور عامين على اشتعال فتيل الحرب في اليمن واتساع حدودها. وفي حين تقترب موجة من المجاعة وتدْبر العملية الدبلوماسية عن مساعيها، تبقى نيران الصراع ملتهبة بين الحوثيين وقوات التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية. وفي الوقت ذاته يلعب كلاً من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية – أو ما يعرف بداعش – دوراً مماثلاُ في تأجيج حالة الرعب التي يعيشها السكان.

 أزمة إنسانية واسعة النطاق:

على مدى عامين كاملين واليمنيون يعيشون في قلب عاصفة من الصراع الدامي: عمليات قصف جوي، عبوات ناسفة، ضربات موجهة من طائرات بدون طيار، حصار جوي وبحري ومساعي إنسانية محدودة جداً. وفي إطار صمت دبلوماسي تشوبه ملامح الجريمة، ها هي الحكومة الفرنسية تندفع نحو المملكة السعودية لتخوض في صفقات بيع الأسلحة والمعدات العسكرية، عوضاً عن الاجتهاد في إيجاد حل ومخرج مناسب لذلك الصراع. زد على ذلك أنَ الوضع الإنساني في اليمن لم يعد يحتمل التأخير بل وأصبح على حافة مأساة غير مسبوقة: فمن بين 27 مليون نسمة، هناك ما يقارب من 19 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية والأمن؛ وفي محافظة الحديدة، التي تساوي مدينة تولوز الفرنسية في الحجم، يعيش اليوم طفل من كل ثلاثة في حالة حرجة من سوء التغذية.

وخلافاً للحقائق المزيفة التي تطفو على السطح، ليست سوى قرارات سياسية في واقع الأمر تلك التي تعنى بصياغة منظومة تجويع الشعب اليمني: حتى العام 2014، كانت اليمن تستورد 90٪ من احتياجاتها الغذائية عن طريق البحر؛ وبموجب القرار رقم 2216 الذي صدر عن منظمة الأمم المتحدة في ابريل 2015، تم فرض حظر أممي على عمليات بيع الأسلحة للحوثيين وحلفائهم؛ وما لبث ذلك الحظر أن أتخذ شكلاً من أشكال الحصار الجوي والبحري الكامل تقريباً، الأمر الذي قلل إلى حدٍ كبير من عمليات الاستيراد للمنتجات الضرورية والأساسية بما في ذلك المواد الغذائية.

في الحقيقة، جاء ذلك الحصار على وجه الخصوص كنتيجة لقرار اتخذته قوات التحالف المدعومة هي الأخرى من قبل المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية. وقد كانت التوقعات ترجح بأن يؤدي إطلاق أيـَة هجمات عسكرية جديدة على طول الخط الساحلي إلى التوقف الكلي للميناء الرئيس في البلاد – ميناء الحديدة – الذي يزود كامل الجزء الشمالي من المنطقة بمعظم احتياجاته؛ الأمر الذي سيعمل، إذا ما حدث، على تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد إلى حدٍ لا يمكن تداركه؛ وبالفعل يمكننا اليوم أن نجد ذلك واقعاً ملموساً: ففي مطلع العام الجاري لم يسمح بالمرور سوى لإحدى عشرة سفينة تمكنت من إفراغ حمولتها في ميناء الحديدة، وفي المقابل من ذلك كانت خمسة وستين سفينة قد حصلت على التراخيص اللازمة في نوفمبر من العام الماضي؛ وفي يناير من العام الجاري، أرتفع سعر القمح بنسبة 32٪ عما كان عليه قبل الأزمة.

لا يزال العمل الإنساني في اليمن ماضِ في طريقه رغم المخاطر والصعوبات التي تحفه من جميع الاتجاهات؛ وقد أبدى الناشطون اليمنيون والدوليون في هذا المجال مرونة وشجاعة منقطعي النظير، في الوقت الذي تمثل اليمن فيه واحدة من الدول الأكثر دموية وخطورة في مجال العمل الإنساني: فمنذ فبراير 2015 تعرض اثنان وعشرون ناشط في المجال الإنساني إما للاختطاف أو القتل أو الإصابات الخطيرة؛ كذلك مثلت العديد من المنشآت الإنسانية والإغاثية المستحدثة لتقديم المساعدات الحيوية الضرورية هدفاً دسماً لسبع من الهجمات المدمرة؛ وأدرج ستمائة مرفق صحي، بما في ذلك المستشفيات، وألف وستمائة مدرسة ضمن المنشآت المدنية غير الصالحة للخدمة؛ أضف إلى كل ذلك ما يتعرض له المتطوعون في هذا المجال الإنساني من مضايقات وقيود واعتقالات من قبل القوات المسيطرة بشكل متواصل.

 لا بد من فرض احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان:

إنَ تلك الانتهاكات التي تتعرض لها البعثات الإنسانية غير مقبولة شكلاً ومضموناً، كما أنها تخالف جميع القوانين المتفق عليها من قبل المجتمع الدولي. وبغض النظر عن كل ما سبق، فإنَ جميع أطراف النزاع، بما في ذلك الأطراف الداعمة لقوات التحالف، هي بلا شك مشاركة بشكل أو بآخر في تلك الجرائم الخطيرة التي ترقى إلى مستوى “جرائم حرب”.

وفي هذا الإطار، على فرنسا وشركاءها أن يتوقفوا عن محاولات التملص من تحمل شيء من المسؤولية؛ وهذا المسألة ليست بالأمر الذي يحتمل التفاوض: إذ أنَ صناع القرار السياسيين يحملون على عاتقهم مسؤولية إعطاء الأولوية لحماية الأطفال والنساء والشيوخ عوضاً عن مبيعات الأسلحة أو المصالح الاقتصادية المباشرة.

خلاصة القول، ينبغي على كافة الدول، بما في ذلك فرنسا، أن تقوم بواجبها في احترام وفرض احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والعمل على توفير ما يلزم لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل آمن وبدون عوائق إلى جميع السكان المتضررين. ومن المعلوم للجميع أنَ للحرب معايير وحدود وضوابط لا ينبغي تجاوزها بأي شكل كان. ومن غير اللائق أن تــُـتـَخذ اتفاقيات المصالح الدولية والعلاقات الاقتصادية و”الأمنية”، كما يقال، كذريعة لتنأى الدول بأنفسها عن العناصر الأساسية المكونة لماهية الإنسانية والكرامة. وفي واقع الأمر، الشعب اليمني لا يموت من الجوع بل هو ضحية سياسة تجويع وحشية متواصلة منذ عامين تصوغها القوى الكبرى ذات التأريخ الدموي والاستعماري مثل فرنسا.

* فيرونيك أندرو: المديرة التنفيذية لمنظمة “العمل ضد الجوع” (منظمة إنسانية تأسست في العام 1979 وتعنى بمكافحة الجوع في كافة مظاهرة وكل ما يتعلق به مثل الفقر والصحة والتعليم وغير ذلك).


*نقلا عن المراسل نت

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
الإعلام الغربي.. الاستقلالية والحياد والأخلاق المهنية "شعارات تسقط عند أول امتحان"
مواضيع مرتبطة
ترجمة : التحالف يدمر اليمن منذ عامين ويخفق عسكرياً
صحيفة ألمانية: القنابل العنقودية البريطانية التي تستخدمها السعودية تتسبب بتشوهات خلقية لأطفال اليمن
حملة التغريدات ضد استهداف الحديدة وإغلاق ميناءها تحتل المرتبة الأولى على تويتر
صباحية شعرية وأدبية لاتحاد الإعلاميين والجبهة الثقافية بصنعاء بعنوان"عام ثالث من الصمودبعنوان " عام ثالث من الصمود "
مجلة بريطانية : السعودية تعجز للعام الثالث على تحقيق أي نصر في اليمن