الأسلحة الأمريكية والغربية في اليمن .. مؤشـــرات جرائـــم حـــرب
السبت 04 مايو 2019 الساعة 10 مساءً / متابعات - موقع لا ميديا :
h


ترجمة خاصة لـ موقع لا ميديا: محمد زبيبة-


تاليف دين @

عندما قام القادة السياسيون الأمريكيون بِحَث إدارة ترامب على خفض أو قطع إمدادات الأسلحة إلى المملكة السعودية - كعقوبة على قصفها العشوائي للمدنيين في الصراع العسكري المستمر منذ 4 سنوات في اليمن - كانت إجابة ترامب المتوقعة: "إذا لم نبع الأسلحة للسعودية، سيبيعها لهم الصينيون والروس". 

قد يكون ذلك صحيحاً من الناحية النظرية، لكنه أمر غير واقعي من الناحية العملية، ذلك لأن عملية تحويل أنظمة الأسلحة من الأسلحة الغربية إلى الصينية والروسية – خاصة إذا كانت في منتصف حرب مدمرة – هي عملية تستغرق وقتاً طويلاً كونها تشمل عمليات الصيانة، والخدمات، والتدريب والمشورة العسكرية، 
والإمدادات المستمرة لقطع الغيار. . ورداً على هذا في سؤال طرحته "إنتر برس سيرفيس" على بيتر ويزمان، كبير الباحثين في برنامج الإنفاق العسكري والأسلحة (SIPRI) في معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، قال: "إذا افترضنا أن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة توقفتا عن إمداد السعودية بالأسلحة، فستكون هذه مشكلة كبيرة للسعودية من الناحيتين العسكرية والاقتصادية".

وأشار إلى أن السعودية ستجد صعوبة بالغة في الحفاظ على الأسلحة الأمريكية والبريطانية التي تعتمد عليها قواتها المسلحة إلى حد كبير، من دون مساعدة الموظفين الأمريكيين والبريطانيين المتواجدين بأعداد كبيرة في البلد في الوقت الحالي. 

قد يكون الجيش السعودي قادراً على مواصلة استخدام الأسلحة لفترة من الوقت، لكن بمستوى عملياتي أقل بكثير.

وأضاف ويزمان أن استبدال المعدات الباهظة الثمن المتواجدة حالياً – والتي يفترض لها أن تخدم لعقود – لن تكون مجرد عملية مكلفة فحسب، بل تعني أيضاً أن الأسلحة الروسية والصينية لن تكون بذات الجودة التي تتمتع بها الأسلحة التي تحصل عليها حالياً من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.

وقال مراسل "نيويورك تايمز"، نيكولاس كريستوفر: "لم يكف بعض السعوديين عن محاولة إقناعي بأننا إذا قمنا بحظر مبيعات الأسلحة إلى الرياض فسيتوجهون إلى موسكو.. هذا سخيف. إنهم بحاجة إلى قطع الغيار الخاصة بنا، والأهم من ذلك أنهم يشترون أسلحتنا لأنها تأتي بضمان أننا سننقذهم عسكرياً إذا ما وقعوا في مشكلة مع إيران".

وقال كريستوفر في مقالة له متسائلاً بأن القوات السعودية المسلحة لا يمكنها حتى هزيمة ميليشيا في اليمن، فكيف ستتمكن من الوقوف في وجه إيران؟

وأضاف: "لهذا السبب نمتلك نفوذاً على السعودية، وليس العكس". وشدد على أن الخطوة التالية يجب أن تكون في تعليق مبيعات الأسلحة حتى تنهي السعودية حربها في اليمن، لأنها حرب جعلت من الولايات المتحدة متواطئة في مجاعة جماعية.

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" في العام الماضي، بأن المشرعين الأمريكيين قلقون من أن الأسلحة الأمريكية يتم استخدامها في ارتكاب جرائم حرب في اليمن – من بينها القصف المتعمد أو غير المتعمد للجنازات والأعراس والمصانع والبنية التحتية المدنية الأخرى – أثارت إدانات من الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان.

وفي تقريرها العالمي لعام 2017، قالت "هيومن رايتس ووتش" (منظمة مراقبة حقوق الإنسان) بأن التحالف السعودي يقوم، منذ مارس 2015، وبدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا، بتنفيذ عمليات عسكرية ضد قوات الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وقال التقرير إن التحالف قد هاجم بشكل غير قانوني المنازل والأسواق والمستشفيات والمدارس والمؤسسات المدنية والمساجد. وأضافت المديرة التنفيذية لشؤون الشرق الأوسط في المنظمة، سارة ليا ويتسن: "لا يبدو على أي من طرفي الصراع الخشية من أن يحاسبوا على انتهاك قوانين الحرب.. يجب على أعضاء الأمم المتحدة الضغط على الأطراف لإنهاء المجزرة ومعاناة المواطنين".

تضمن التحالف الأصلي (أي الدول الرئيسية في بداية تشكيله) بجانب المملكة السعودية، كلاً من الإمارات والبحرين والكويت وقطر – قبل أن تنسحب منه في 2017 – ومصر والأردن والمغرب والسنغال والسودان.
وتحدثت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته في فبراير الماضي، عن أن الأسلحة التي تستخدمها السعودية والإمارات أتت معظمها من أستراليا وبلجيكا والبرازيل وبلغاريا وتشيكيا وفرنسا وألمانيا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة. ودعت المنظمة جميع الدول إلى وقف توريد الأسلحة لجميع أطراف النزاع في اليمن، إلى أن يزول خطر استخدام هذه المعدات في انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.

الدول الأربع الوحيدة التي استجابت للدعوة وأعلنت تعليق عمليات نقل الأسلحة إلى الإمارات، وفقاً لمنظمة العفو، هي الدنمارك وفنلندا وهولندا والنرويج. ورداً على سؤال حول مدى اعتماد السعودية على الأسلحة الأمريكية، أخبر ويزمان "إنتر برس" أن الولايات المتحدة تعتبر إلى حد الآن المورد الأكبر للأسلحة إلى السعودية.
ويقدر برنامج الإنفاق العسكري والأسلحة أن الأسلحة الأمريكية شكلت في الفترة بين 2014 و2018 نسبة 68% من واردات الأسلحة السعودية، تليها بريطانيا بنسبة 16%. أما بقية الواردات فمعظمها من دول أوروبية عدة. كما لعبت الصين دوراً صغيراً. أما روسيا فلم تثبت نفسها بعد كمورد للأسلحة للسعودية.. وعن الوضع الحالي لمبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية، قال ويزمان بأن الولايات المتحدة تقوم بتزويدها بجميع أنواع الأسلحة، لكن أكثرها أهمية هي الطائرات المقاتلات من طراز (F-15) مع مجموعة متكاملة من أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة (باتريوت وثاد) وتتضمن اللائحة أيضاً دبابات من طراز إم1 إيه 2 (M1A2) وفرقاطات وطائرات استطلاع ومدرعات خفيفة ومعدات اتصالات، وببساطة أي شيء ضروري لتزويد قوات مسلحة حديثة.
وأشار إلى أن المهم هو أن هذه الأسلحة تأتي مع حزمة من الخدمات. فالشركات التي توفر المعدات توفر أيضاً خدمات الصيانة والإصلاح الحيوية.

وبالمقارنة بما حدث في إيران عام 1979، التي كانت تعتمد بشكل كبير على الأسلحة الأمريكية والبريطانية، كان على طهران أن تكتشف بنفسها كيفية تشغيل المعدات.

ربما كان الإيرانيون أكثر استعداداً وتدريباً على ذلك من المملكة السعودية الآن، لكنهم ناضلوا من أجل الاستمرار في استخدام المعدات الأمريكية في الحرب مع العراق، واضطروا إلى اللجوء إلى استيراد أسلحة أقل جودة من الصين وكوريا الشمالية.

وقال ويزمان إنه من المحتمل أن تتدخل روسيا والصين بكل سرور، وتعرضا أسلحتهما. لكن الأمر، مع ذلك، سيستغرق وقتاً قبل أن يتمكنوا من إيصال أعداد كبيرة من الأسلحة وتدريب السعوديين على معدات جديدة تنتمي إلى مذاهب عسكرية مختلفة. فالانتقال الكامل قد يستغرق سنوات عديدة.

وأشار إلى أن هناك العديد من الحالات الأخرى التي تنقلت فيها الدول بين مختلف الموردين، مع مستويات مختلفة من النجاح. فقد انتقلت دول حلف وارسو إلى أسلحة الناتو على مدى عدة عقود. كذلك انتقلت فنزويلا من المعدات الأمريكية إلى الروسية والصينية على مدى عقد من الزمان تقريباً.

نقلاً عن تقديرات متحفظة للأمم المتحدة المحافظة، قال أولي سولفانج، مدير السياسة في المجلس النرويجي للاجئين، لـ"إنتر برس" إن حوالي 17.700 مدني قتلوا في القتال في اليمن منذ عام 2015. . وتوفي، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، حوالي 2.310 شخصاً بسبب الكوليرا، و85.000 طفل دون سن الخامسة نتيجة للجوع.

وقال سولفانج بأن المزيد من القنابل والأسلحة في اليمن سيعني فقط المزيد من المعاناة والموت. وأضاف: "من خلال تقديم هذا الدعم العسكري والدبلوماسي الشامل لجانب واحد من النزاع، تعمّق الولايات المتحدة وتطيل أمد أزمة عواقبها وخيمة وشديدة على اليمن، ويدفع المدنيون الثمن". 

إن اليمن، التي توصف بأنها أحد البلدان الأقل نمواً في العالم والأكثر فقراً في العالم العربي، لايزال تدميرها مستمراً بحرب لا تلوح لها في الأفق نهاية.

وحالياً، أكدت النتائج لدراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، والتي صدرت الأسبوع الماضي، أسوأ التوقعات، وهي: أن الصراع الحالي قد عكس التنمية البشرية في اليمن، وأعادها 21 عاماً إلى الخلف.
وتحذر الدراسة من الآثار المتزايدة والمتنامية للصراع على التنمية البشرية. وتتوقع أن الحرب إذا انتهت في العام 2022، فستكون قد تراجعت مكاسب التنمية لمدة 26 عاماً، أي جيل تقريباً. أما إذا استمرت حتى العام 2030، فستزيد هذه الانتكاسة إلى 4 عقود.

ويحذر التقرير من أن "الآثار الطويلة الأجل للنزاع هائلة، وتضعه ضمن أكثر النزاعات تدميراً منذ نهاية الحرب الباردة. والمزيد من التدهور سيزيد بشكل كبير من المعاناة الإنسانية الطويلة، ويؤخر التنمية البشرية في اليمن، ويمكن أن يزيد من تدهور الاستقرار الإقليمي".

وقال ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، أوك لوتسما، بأن "التنمية البشرية لم تتوقف فحسب، بل تم عكسها.. وحتى لو كان هناك سلام في المستقبل، سيستغرق الأمر عقوداً حتى تعود اليمن إلى مستوياتها قبل الصراع. هذه خسارة كبيرة للشعب اليمني". 


* وكالة إنتر برس سيرفيس الإخبارية 
26 أبريل 2019

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
(نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 30 رمضان 1445هــ | 9 أبريل 2024م.
مواضيع مرتبطة
اتحاد الإعلاميين يطلق تقريره الوثائقي عن جرائم العدوان بقطاع الإعلام
دار الإفتاء: يوم غدٍ الأحد هو المتمم لشهر شعبان والاثنين أول أيام شهر رمضان
تعرف مراحل صياغة “الرؤية الوطنية” وأبرز مضامينها لبناء الدولة
تمرّد في صفوف القوات السودانية: الإمارات تتجه لتجنيد الأفارقة
أكثر من 321 آلية للعدوان استهدفها الجيش واللجان خلال إبريل الماضي