دخلت التهدئة بين المقاومة الفلسطينية وبين العدو الصهيوني حيز التنفيذ ليل أمس، بعد خمسة أيام من معركة ثأر الأحرار التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية رداً على العدوان الصهيوني على قطاع غزة، واستهداف المقاومين.
هذه الجولة من الحرب انتهت بانتصار كبير لصالح المقاومة الفلسطينية، وبهزيمة العدو الصهيوني، فقد استطاعت تثبيت ردع للعدو الصهيوني، وكرست معادلة “مقابل كل جريمة هدم للمنازل أو جريمة اغتيال للمقاومين يرتكبها العدو الصهيوني” حرب مفتوحة، وانتزعت تعهداً مكتوباً من العدو الصهيوني بالكف عن ذلك.
وبهذه المعادلة استطاعت حماية المقاومين من الاغتيالات الصهيونية، ولا يعني ذلك أن العدو الصهيوني سيتوقف عن جرائمه، لكن المعادلة باتت واقعة بالمعركة العسكرية التي أطلقتها المقاومة تحت عنوان “ثأر الأحرار”، وثبتت من خلالها هذه المعادلة المهمة.
خمسة أيام أثبتت المقاومة الفلسطينية فيها قدرة كبيرة وواسعة في ردع العدو الصهيوني، أدخلت الصهاينة إلى الملاجئ كالجرذان، ألحقت الخسائر المادية والبشرية في صفوفه، أحدثت نقلات نوعية في مسار المعركة مع العدو بإزاحة الستار عن أسلحة نوعية متطورة، أحدثت شللاً كاملاً داخل الكيان المحتل الذي صارت مدنه في خمسة أيام كمدن أشباح خاوية من الصهاينة الذين اختبأوا تحت الأرض.
العدو الصهيوني الذي تكبد هزيمة واضحة، ظل من اليوم الثاني لمعركة ثأر الأحرار يستجدي وساطات للتهدئة ويبحث عن مخارج من مأزقه الذي واجهه منذ اليوم الأول حينما اتحدت كل فصائل المقاومة في هذه المعركة، وأمطرت بالصواريخ الكثيفة مدن الكيان الصهيوني ونفذت ضربات صاروخية متواصلة وكثيفة، ولم تتوقف حتى رضخ العدو الصهيوني لشروطها التي وضعتها منذ اليوم الأول للمعركة.
العدو الصهيوني الذي انكشفت منظوماته الدفاعية وفشلت القبة الحديدية ومقلاع داوود في اعتراض الصواريخ التي وصلت إلى مناطق لأول مرة تتعرض للصواريخ، هُزِمَ عسكرياً كذلك بهذا الفشل، كما فشل العدو الصهيوني في إرضاخ المقاومة الفلسطينية باستهداف المدنيين والمنازل والقيادات المجاهدة، ولم تحقق سياسة الانتقام من المدنيين أي نتيجة لصالحه.
وحتى اللحظة الأخيرة للمعركة ودخول التهدئة حيز التنفيذ ظلت المقاومة تقصف مستوطنات العدو المحتل، حيث نفذت في الدقائق الأخيرة قصفاً مكثفاً على تل أبيب ومدن الكيان المحتل.
العدو الذي عاش الرعب تحت القصف الصاروخي المكثف لخمسة أيام متواصلة، وشاهدنا قطعانه اليهودية تهرب إلى الملاجئ بشكل جماعي، فشل في تحقيق أهدافه في كسر المقاومة، وفشل أيضاً في حماية كيانه، وبما أظهرته المقاومة الفلسطينية من قوة مضافة إلى ما كانت عليه في جولات سابقة تتأكد حقيقة أن المستقبل للمقاومة وانتصاراتها وأن العدو الصهيوني بات مكشوفاً أمامها.
وإضافة إلى ما أظهرته المقاومة الفلسطينية من القدرة والقوة وامتلاك أدوات ردع فاعلة، فقد اخترقت أسلحته القبة الحديدية الصهيونية، والمشاهد التي نُشرت لصواريخ المقاومة التي أصابت أهدافها من دون اعتراض القبة لها في “تل أبيب” وضواحيها هذه المرة كانت ذات تقنيات متطورة تجاوزت القبة الحديدية واخترقتها بشكل غير مسبوق، وهو ما أثار الذعر في صفوف الصهاينة، وكشف لقادة الكيان بأنه لا قبل لهم في هذه المعركة، ولذا سارعوا إلى استجداء الوساطات.
وقد أكدت وسائل إعلام صهيونية بأن اعتراض القبة الحديدة للصواريخ التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية لم يصل إلى نسبة 50%، وهي نسبة متدنية جداً مقارنة بجولات سابقة، وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، للمرة الأولى منذ دخول نظام الاعتراض الخدمة في الكيان الصهيوني، تتراجع قدرته على صد الصواريخ إلى هذا الحد.
ولم تنكر المؤسسة الأمنية الصهيونية تراجع مستوى اعتراض القبة الحديدية، بل اعترفت بذلك، وفتحت تحقيقاً حول ذلك، وصرح متحدث العدو الصهيوني قائلا “إن الفشل سببه ثغرة تقنية” علاوة على كل ذلك فقد طورت المقاومة الفلسطينية تكتيكاتها التي تستطيع من خلالها إطلاق رشقات صاروخية تتجاوز القبة الحديدية، وتؤدي إلى سقوط قتلى وإحداث أضرار كبيرة.
المقاومة الفلسطينية فرضت معادلاتها على العدو الصهيوني الذي رضخ لشروطها بعد خمسة أيام، ولم يحصد إلا الهزيمة والفشل الذي سينعكس حتماً على أوضاعه الداخلية المتشظية والممزقة، وستزيد من حالة الاحتراب البيني بين قادة العصابات الصهيونية.