آخر الأخبار
عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
معركة المفاهيم الاجتماعية والسياسية
سيناريو الشرق الجديد
عن عملية الوعد الصادق الإيرانية.. “رؤية”
الحدث وأثره في صناعة الحياة
خاطرة بين يدي العيد
فشلُ التحالف في تطويع اليمن
جدلية الصراع بين المسلمين واليهود
الصراعُ بين اليهودية والإسلام
العام العاشر من الصمود
التفاعل مع المستوى الحضاري

بحث

  
اليمن.. وجدلية التاريخ
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: سنة و 5 أشهر و 29 يوماً
الجمعة 28 أكتوبر-تشرين الأول 2022 07:56 م


مشكلة اليمن منذ بدء نشأة الدولة الحديثة في مطلع الستينيات في القرن الماضي أنها تنفق جُل الموازنة العامة على مفردات القوة وإدارة الصراع ولم تفكر يوماً في أهمية البحث العلمي في التخفيف من حدة الصراع وقدرته على إحداث عمليات الانتقال، فالتعبيرات السياسية المتعددة التي وصلت إلى سدة الحكم تستغرق ذاتها في صراعها مع الآخر وفق حالات انفعالية، وهي بذلك تستسلم بكل إرادتها لقانون التاريخ وتفسح له المجال كي يكرر نفسه وأحداثه ووقائعه إلى درجة تعطيل حركة المجتمع في التحديث والانتقال، فالحرب والصراعات والنزاعات تعمل على يقظة الهويات التاريخية بكل تشوهاتها ونتوءاتها التي لا تتناغم مع روح العصر الذي نعيش، لذلك فكل الحروب التي حدثت بعد عام 1990م لم تترك إلا مجتمعاً مختلفاً، وثقافة تقليدية، واقتصاداً راكداً، حتى تلك التحولات التي ظننا انها تحولات، لم تكن تحولات بنيوية عميقة فقد تركت وراءها مجتمعاً مغترباً وثقافة مستلبة، وشخصية منقسمة على نفسها . فالحرب هي بمثابة الانقطاع الحضاري المتجدد في المكان الجغرافي، والزمان التاريخي بما تتركه من أثر في النسيج الاجتماعي والثقافي والأخلاقي، ومثل ذلك يكون سبباً مباشراً في ازدواج الشخصية، وتنافر السلوك، بل يكاد يشكل تعارضاً بين الفكر والممارسة.
وفي خضم الاحتفالات اليوم بالثورة كقيمة دالة على التبدل والتغيير يفترض بنا الوقوف عند فكرة البناء كرديف لفكرة النصر، وكدال يرشد ويهدي إلى المستقبل، وبمثل ذلك نملك مقومات الاستمرار والتكامل إذا كثفنا الدراسات حول الآفاق والمقدرات والمعضلات ولا يمكن لذلك أن يتحقق دون استنفار العقول والقيام بالدراسات التي تعين صناع القرار في هذا البلد على اتخاذ القرار اللازم في الزمن الفارق .
لقد قال التاريخ أن الحرب قد تصنع واقعا جديدا لمن يحمل مشروعا وطنيا للبناء، وليس مشروعا تدميريا، إلا عند الذين يقتاتون من نزيفها، أما صاحب المشروع فالانتصار هو محور ارتكازه لبناء المستقبل .
ومن محاسن الحروب والصراعات أنها تحدث فرزا وتمايزا، فيمتاز أهل الخير والبناء، ويمتاز أهل الشر والبغي، وتكون الصورة أكثر وضوحا للناس، وهذا هو عين ما قالت به الحرب في اليمن على مدى السنوات التي سلفت، فالذين يدَّعون الشرعية اتضح أنهم لا يملكون قرارا وأنهم ليسوا أحراراً والذين وقفوا إلى صف الوطن دفاعا وذوذا عن حياضه رفعوا شعارا مضمونه ” يد تحمي ..ويد تبني ” وقد دل الواقع أنهم عند مستوى الشعار من حيث الدفاع، وما يزال همُّ البناء يستنفر فينا القدرات الذهنية والفكرية والعملية .
وبالوقوف عند الإشكالية التاريخية نرى أنه من الضرورة بمكان قراءة التاريخ بمنهجية جدلية وبرؤية تفكيكية قادرة على بعث الروح في الذات المنهزمة فينا، كي تستعيد وعيها بمقوماتها التاريخية والحضارية، وبحيث تتمكن من تسجيل حضورها في العصر الحديث، بوعي أكثر تطلعا وأكثر تقدما واكثر إنتاجا، بعيدا عن روح الغنيمة والصحراء .
فالبناء الجديد قد يتطلب هدما في أحايين كثيرة حتى يكون البناء الجديد أكثر قوة وأكثر متانة في مقاومة عوامل الطبيعة وتطورات المراحل التاريخية .
فاليمن لم تعد ذات قيمة وجدانية وثقافية في تصورات الناس، ولا تشكل عنصراً فاعلاً وقوياً في بيئة الانتماء والهوية الوطنية والحضارية والتاريخية، فقد رأينا خلال الأحداث التي عصفت بنا منذ 2011م وحتى هذه اللحظة التي نعيش فيها كيف تعامل أبناء اليمن مع اليمن، فهو لم يتجاوز القيمة العددية.. ثمن بخس دراهم معدودات، ومثل ذلك أمر دال على حالة نكوص وجدانية، وحالة شلل وتعطيل في البنية الوطنية، وفي نسيج الهوية والانتماء، وهو نتاج عقود من الاستهداف والتدمير بأموال المترفين التي كانت وما تزال تتحرك في الجغرافيا اليمنية منطلقة من بعد ثقافي، والتزام أخلاقي تجاه مقولة أو أثر أو وصية قيل إنها انطلقت من لسان أحدهم في لحظة تاريخية فارقة تحسباً أو توقعاً أو استسلاماً لحسابات فلكية، بيد أن مثل ذلك لن يطول به الأمد، فسنن الكون تقول إن المترف الذي تأخذه الأماني إلى أبعد مدى تكون عاقبته هي العظة التي تعظ الغافلين حتى يعودوا إلى رشدهم، وهي الآية التي تعيد التوازن إلى حركة المجتمع وحركة الحياة، فالله وصف نفسه بالعدل، ومن العدل أن يعيد التوازن إلى حركة الحياة ولو مدَّ أهل الترف زمناً في طغيانهم يعمهون، فالقضية هنا قضية جوهرية وهي ثابتة في صميم التجربة البشرية من حيث التمادي في الطغيان، ومن حيث معالجة الانحراف بالعودة إلى التوازن الذي يريده الله، تحقيقاً لخاصية العدل والمساواة، والعبرة لمن يتعظ، ولا أرى إلاّ أن مقادير الله كائنة في الزمن الذي نعيش حتى تتساوى موازينه، وثمة رموز وإشارات يتحدث عنها الواقع تومئ إلى قادم جديد، وإلى حالة أجد لا يكون الغرور حاضراً فيها بقدر الحضور الأمثل لإرادة الله في العدل وفي المساواة وفي الحياة الآمنة والمستقرة.
لقد آن لتلك الذات المغتربة عن بعدها الحضاري والثقافي أن تستعيد وعيها بذاتها ولا أرى ما يحدث اليوم إلاّ تباشير دالة على يقظة تاريخية ويقظة حضارية، ولا أرى أولئك الذين ينالون من اليمن في القنوات الفضائية – في مقابل دراهم معدودات – إلاّ امتداداً لما يماثلهم في التاريخ, بدءاً من أبي رغال ولن يكون انتهاءً بهم، فالزمن ما يزال يحمل لنا الكثير من العجائب والغرائب، كما أن حالة التضليل والفراغ والنكوص التي بدت عند رموز سياسية بعينها كان لها ما يماثلها أيضاً.. فالذين ناشدوا المجتمع الإقليمي والدولي بالتدخل العسكري في اليمن وهم ينتمون الى مشاريع قومية أو تحررية أو مشاريع تطلعيه لم يكونوا إلاّ تعبيراً عن حالة «فراغ» لا يجد امتلاءً إلاّ بتكامله مع الآخر المغاير، وهو في السياق ذاته لا يجد نفسه متكيفاً مع شروط واقعه، ولا مع الأبعاد الحضارية والثقافية أو التاريخية ذات المساق الوطني.
اليمن ذات عمق تاريخي وهي تنتصر لنفسها حتى وإن بدا الواقع كما بدا عليه في بداية العدوان عام 2015م إلا أن المقومات الحضارية والثقافية تشكل نسقا دفاعيا ما يبرح يتشكل حتى يصبح الحال كما هو عليه اليوم من حيث القوة والمنعة، ومن حيث تبدل المعادلة العسكرية لتصبح اليمن كما عهدها تاريخها .

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
رشيد الحداد
معركة «صامتة» في المحيط الهندي: صنعاء تتعقّب سفن الكيان
رشيد الحداد
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
محمد محسن الجوهري
لن تتوقف جرائم "إسرائيل" إلا بأخرى مضادة
محمد محسن الجوهري
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
مالك المداني
عقدة النقص!
مالك المداني
مقالات ضدّ العدوان
مرتضى الجرموزي
إنَّا أنذرناكم عذاباً قريباً
مرتضى الجرموزي
عبدالرحمن الأهنومي
هذا الفيضُ مِنْ بركاتِ الزكاة
عبدالرحمن الأهنومي
عبدالفتاح حيدرة
التقييم الحقيقي يتطلب النقد الواعي
عبدالفتاح حيدرة
مجاهد الصريمي
ثقافة المسخ للآدمية
مجاهد الصريمي
عبدالحميد الغرباني
حيّا على العمل حيّا على زراعة القمح
عبدالحميد الغرباني
د.سامي عطا
عملاء أغبياء!!
د.سامي عطا
المزيد