في ذكرى العظماء السنوية تبرز المواقف العظيمة المشهودة، ويتجلى الأثر الذي أحدثه الدم المبذول في سبيل الله والمستضعفين في واقعنا، كيف لا والحسين البدر لايزال حاضراً دماً ولساناً، شعاراً وثقافةً ومشروعاً وموقفا عملياً من خلال سيد الثورة، الذي قدم في خطابه المنطلق من وحي مناسبة الذكرى السنوية للشهيد الأسس التي يتم البناء عليها في مواجهة التحديات والأخطار، ودفع الشر والفساد والبغي والظلم والإجرام الأمريكي الصهيوني الاستكباري عن أمتنا، ولاسيما فلسطين، التي ترزح تحت وطأة المحتل اليهودي الصهيوني الغاصب، المسنود بمعسكر الاستكبار العالمي، الذي يقوده الشيطان الأكبر أمريكا! ومن هتاف الحرية، شعار البراءة، الصرخة في وجه المستكبرين كانت البداية؛ بداية الاستنهاض والبعث والإحياء، بداية التربية والتنشئة والتثقيف والتوعية والتنوير والتثوير والتحرير والتحرر، بداية الكفر العلني بكل الأصنام البشرية والحجرية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية بكل ما تمثله من علو وبطش وقوة ونفوذ وإجرام وتسلط وهيمنة وظلم وتعدٍ وفساد وصلف وجور، بداية الإعلان لله بالعبودية المطلقة، والوحدانية الخالصة التي لا تشوبها شائبة لا في فكرة، ولا في قول، ولا في فعل، ولا في موقف، بداية الالتزام بكلمة الله، والاعتصام بحبله، بداية الاهتداء بهداه، والسير بسيرة أنبيائه ورسله وأوليائه والشهداء والصالحين من عباده صلواته وسلامه عليهم أجمعين.

وأنَّى لبدايةٍ هذا حالها أن يضل حملتها الطريق، أو يتنازلوا عن الأهداف، ويساوموا على المبادئ، ويتاجروا بالدين والقضية والقيم والأخلاق؟ أنَّى لحركةٍ عرفت عدوها، وعرفت طبيعة الداء الذي حل بأمتها، وامتلكت العوامل والمقومات والرؤى التي تؤهلها لتغيير الواقع أنْ تتراجع إلى الخلف، أو تداهن وتهادن وتماري وتصالح على حساب القضايا الكبرى والمصيرية لشعوب الأمة وكافة المستضعفين من أبناء المجتمع البشري؟ لذلك أعلنها سيد الثورة حفظه الله ورعاه، ومن وحي ذكرى الشهيد السنوية، ومن موقع الحرص على ترسيخ ثقافة القيام بمبدأ الشهادة لله على كل ما يجري في الواقع وبين الناس، أعلنها واضحةً وصريحة:

لن نكون ضمن القطيع الخاضع للأمريكان والصهاينة على مستوى منطقتنا، ولن نقف مكتوفي الأيدي في مواجهة الكيان الصهيوني، نصرةً لفلسطين قضيتنا، وشرفنا، وإنسانيتنا وكل شيء بالنسبة لنا، ونحن مَن لا تخيفنا العصا الغليظة، ولا تسيل لعابنا الجزرة، فلا مغريات تصرفنا عن الواجب الجهادي في معركة الطوفان، ولا تهديدات تعيدنا شبراً أو حتى إصبعاً إلى الوراء، ولن نتوانى عن استهداف الكيان داخل وخارج فلسطين.