عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل
البنية الثقافية اليمنية.. “رؤية تحليلية”
عالم اليوم من منظور عقلاني
حواراتُ السلام في المنطقة
ملامح المرحلة وطبيعة المعركة
معيارُ القوة في الوجود الإسرائيلي
عن العدو وتفكيك خطابه
مبدأ الخيانة في معيار التاريخ
المعرفة القوة الحقيقية في المستقبل
معادلةُ البنك بالبنك والمطار بالمطار

بحث

  
أثر التنافر الثقافي في اليمن
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: سنة و 6 أشهر و 14 يوماً
الجمعة 31 مارس - آذار 2023 04:15 ص


عند إعلان الوحدة عام 1990م، غفل القائمون على صناعة الحدث حينها عن البعد الثقافي ركونا إلى تراكمه، وكان اشتغالهم – كل اشتغالهم – على البعد السياسي، ولم تكن النتيجة حينها إلا حرب صيف 1994م، وبعد “7 يوليو 1994م” تكرر ذات المنهج، وذات الخطأ، فلم تكن النتيجة سوى ما شهده الوطن من تنافر وحروب بدءا من حرب صعدة مران في 2004م ومروراً بتنامي الشعور الغاضب عند شعب الجنوب، وتشكل الحراك في 2007م، وانتهاءً بالغضب الشعبي الذي تفجر في مدار عام 2011م، كما أن حالة الانتقال التي حاولت تشكيل نفسها في مخرجات الحوار الوطني وقعت في ذات الدائرة المغلقة التي يدور فيها هذا الوطن منذ مطلع ستينيات القرن الماضي إلى هذه اللحظة التي تشهد تفاصيل تموجها في سماء المشهد السياسي.

عقود من الزمان مضت من حين الوصول إلى حالة الاستقرار من عمر الوحدة الوطنية دون أن يحدث أي تجديد في بنية المؤسسة الثقافية حتى تستطيع أن تواكب الحدث الوحدوي، وحالة الانتقال التي تتسارع في إيقاع العصر، وفي بنية المجتمع ونسيجه العام وفي التطور التقني، وكان لذلك أثر غير محمود، فالعلاقة بين المثقف والسياسي هي علاقة جدلية، فعلاقة المثقف بالسياسي هي علاقة احتياج، وعلاقة السياسي بالمثقف هي علاقة ضرورة، فالتطور لا يتكامل إلا به أو بهما ، وذلك من خلال إدراكهما الواعي للواقع وإدراك السياسي للدور المستقبلي للمثقف وقدرته المعرفية في فهم واقعه وأبعاده المتعددة، ومن خلال قدرته على التفكيك وإعادة البناء، والصياغة، وبما يحقق انزياح مجتمعه وفاعليته فيه، فالواقع الذي تغيب أو تتعطل فيه معظم أشكال سيادة القانون أو الديمقراطية الحقة أو المساواة أو الحرية أو المواطنة لا يعدو عن كونه مجتمعاً مشوهاً لا يكاد يتجاوز دوائر الامتثال والطاعة وثقافة الاستهلاك والتبعية وأمامه يبرز دور المثقف وهو دور تاريخي لا يقوم على تبرير الوضع القائم بل على ممارسة النقد لما هو كائن، التزاما بما سوف يكون وبالوسائط المتاحة وعبر كل أشكال الثقافة التنويرية التقدمية في الآداب والفنون, وفي ظني أن أمام المثقف الوطني في الراهن ثلاث قضايا تتلخص في التالي:

1 – الوقوف أمام الماضي ومساءلة مصادره المعرفية والثقافية، ذلك أن الماضي يعيق نظام الطاقة والقدرة على التجديد.

2 – مساءلة الحاضر البشري الثقافي والسياسي والاجتماعي وتفقد أُثره وإنتاجه وطبيعته الاجتماعية والسياسية والثقافية من أجل الخلق والابتكار ضمن حدوده النسبية لا المطلقة ومن خلال مكونه ومن خلال منظومته التي هو عليها وإعادة الترتيب والصياغة.

3 – الوقوف أمام أسئلة المستقبل وخلق إمكانية التحكم به عبر أدوات ومناهج العلم والتخطيط لا الفوضى والارتجالية التي نعاني منها في المظاهر الحياتية العامة.

فوجود المثقف ضرورة في حياة السياسي، ذلك أن الثقافة والفن من الأهمية بالمكان الذي يترتب عليهما حدوث التطور والنماء والتوازن النفسي للأفراد والمجتمعات باعتبارهما – أي الثقافة والفن- بدائل أو حياة مركزة يستغرق الإنسان ذاته فيها، يقول أرنست فيشر:

(إن الفن لازم للإنسان حتى يفهم العالم ويغيره وهو لازم بسبب هذا السحر الكامن في).

ويقول بريخت : “إن النظرة الجمالية السائدة في مجتمع يحكمه صراع الطبقات تتطلب أن يكون الأثر المباشر للعمل الفني هو إخفاء الفروق الاجتماعية بين المتفرجين، بحيث تنشأ منهم جماعة لا تنقسم إلى طبقات وإنما تكون وحدة إنسانية شاملة”.

ومن هنا يمكن القول إن حاجتنا إلى الفن – والفن هو إحدى دوائر التطور عند هيغل- تبدو أكثر إلحاحاً وأكثر لزوماً، فالصراع ترك فروقا اجتماعية وتمايزاً طبقياً وسياسياً ولا يمكننا ونحن نمر بمرحلة انتقالية أن نجتاز تلك العقبات إلا بالفن بحيث نستطيع الوصول إلى وحدة وطنية ووحدة إنسانية مشتركة.

فالكيانات التي تمايزت في الإطار الوطني بعد عام 2011م، تريد أن تتحدث عن شيء أكثر من مجرد “أنا”، شيء خارجي وهو مع ذلك جوهري بالنسبة إليها فهي تريد أن تحوي العالم وتجعله ملك يديها, ومثل ذلك التطلع والتشوق يمكن احتواؤه والسيطرة على أبعاده النفسية والوجدانية والثقافية من خلال الفن الذي يربط تلك الـ(أنا ) بالكيان المشترك للناس وبذلك نتمكن من جعل فرديتها اجتماعية وربما إنسانية, فالفن هو الأداة اللازمة لإتمام الاندماج بين الكيانات المتمايزة والمتنافرة مع الآخر المختلف معها وربما الآخر الذي يحترب معها، فهو يمثل قدرة الإنسان غير المحدودة على الالتقاء بالمختلف وعلى تبادل الرأي والتجربة معه.

فالإنسان بالضرورة يريد أن يكون أكثر اكتمالاً, فهو لا يكتفي بالحالة الانعزالية بل يسعى إلى الخروج من جزئيته الفردية إلى كلية يرجوها ويتطلبها, فهو يحلم بعالم أكثر عدلاً وأقرب إلى العقل والمنطق.

وحتى نستطيع ونحن على أعتاب مرحلة جديدة أن نرسم خارطة ثقافية – وتلك مهمة غير سهلة- لا بد من التجديد وتجاوز أخطاء الماضي، فالعشوائية لا يمكنها إلا إعادة إنتاج ذات الصراع, والتجديد لا يتم إلا من خلال إعادة البناء وممارسة الحداثة في معطياتها وتاريخها الذي يرتبط بالتطور المادي الحضاري لمجتمعاتنا بما يحفظ هوية الأمكنة.

فالتنافر في البنية العمرانية الذي حدث في الحواضر الجنوبية بعد الوحدة مثلاً، ترك بعداً اغترابياً عند الإنسان وهو ما نجد التعبير عنه في مضمون العبارة (الاحتلال اليمني), وتلك العبارة يتحمل وزرها السياسي الذي مال إلى التغطرس والانفراد، فلم يكن جهده إلا ذلك التنافر الثقافي والسياسي في النسيج الوطني.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
مجاهد الصريمي
لن نفرط بنقطة الثقل المركزية
مجاهد الصريمي
خالد العراسي
مقلب شركة الغاز
خالد العراسي
أحمد العماد
النظافة سلوك اجتماعي يُغرس منذ نعومة الأظفار..!
أحمد العماد
عبدالفتاح حيدرة
من وعي محاضرات السيد القائد الرمضانية “المحاضرة الثالثة”
عبدالفتاح حيدرة
أحمد العماد
ظاهرة التسول في اليمن..!
أحمد العماد
أنس القاضي
مستجدات الحراك الروسي الصيني
أنس القاضي
المزيد